خاتمة
قد عرفت في الهداية السابقة ذهاب المشهور إلى القول بصحّة الصلاة في الدار المغصوبة حال الخروج (١).
وقد يتوهّم التنافي بين ذلك وبين ما يظهر منهم في مسألة الجاهل بحكم الغصب في الشريعة مع تقصيره في التعلّم ، حيث حكموا ببطلان عمله (٢) ولو حين الغفلة عمّا علم به إجمالا في أوّل الأمر أو عند عدم تمكّنه من التعلّم مع ارتفاع النهي عنه حال الغفلة وعدم التمكّن ، فلو كان المدار في صحّة العبادة ارتفاع النهي فلم لا يحكمون بها في الجاهل المزبور؟ وإن كان ارتفاع النهي لا يجدي في الصحّة فلم حكموا بها في الصلاة حال الخروج؟
ويمكن دفع التنافي بإبداء الفارق بين المقامين ؛ فإنّ الوجه في الحكم بالصحّة هو ما عرفت : من كون الخروج على وجه التخلّص مأمورا به فقط ، فلا مانع من الصحّة. والوجه في الحكم بالفساد في مسألة الجاهل هو : أنّ زمان الفعل زمان المعصية ، وكما لا يجوز الأمر بالفعل حال وجود النهي فكذا لا يجوز الأمر حال صدق المعصية وإن كان النهي مرتفعا ، فالحكم بالصحّة فيما تقدّم ليس منوطا بارتفاع النهي فقط ، بل لعدم صدق العصيان في تلك الحالة مدخل في الصحّة ، فلا منافاة بين المقامين.
__________________
(١) راجع الصفحة ٧٠٩.
(٢) انظر الشرائع ١ : ٧١ ، والقواعد ١ : ٢٥٨.