هداية
بعد ما عرفت مورد النزاع ، فاعلم أنّهم اختلفوا في مورد النزاع في دلالة النهي على الفساد على أقوال ربما تزيد على العشرة ، ثالثها : التفصيل بين العبادات والمعاملات ، ورابعها : الدلالة شرعا لا لغة ، وخامسها : الدلالة في العبادات لغة ، وفي المعاملات عرفا.
إلى غير ذلك من الأقوال التي لا محصّل في ضبطها وإيرادها والبحث عن صحّتها وفسادها. فلنقتصر على ما هو الحقّ في المقام ، ومنه يظهر الوجه في الإيراد على الأقوال المخالفة لما اقتضاه الدليل.
فاعلم أوّلا : أنّ جملة من هذه الأقوال ممّا لا نعرف له وجها ، فإنّ التفصيل بين العرف والعقل ممّا لا سبيل لنا إلى تعقّله. وأعجب من ذلك التفرقة بين الوضع واللغة ، كما يظهر من كلام بعض الأجلّة (١). ويظهر الوجه في ذلك ممّا تقدّم في المسألة السابقة. ويزيدك توضيحا ما ذكرنا في الأمر الأوّل في الهداية السابقة.
وإن شئت قلت : إنّ النزاع في المقام إمّا لفظيّ أو عقليّ ، فعلى الأوّل لا وجه للدلالة العقليّة ، وعلى الثاني لا وجه لعدّ الدلالة اللفظيّة في عداد الأقوال ، ثمّ الفرق بين العقل والعرف. إلى غير ذلك من الكلمات التي لا يسعنا الجمع بين مواردها والأخذ بمجامعها.
وكيف كان ، فالحقّ في المقام يذكر في موردين :
__________________
(١) انظر الفصول : ١٤٠.