النهي ، وعدم الإذن المفروض في السؤال أعمّ من النهي وعدمه. بل ومقتضى قول السائل في الرواية الثانية : « ثم اطّلع على ذلك مولاه » هو إرادة خصوص عدم الاطّلاع.
والقول : بأنّ مع عدم الاطّلاع أيضا يكون معصية لكونه تصرّفا في ملك الغير بغير إذنه ، مدفوع : بأنّ ذلك لا يعدّ تصرفا ، كما قرّرنا في الفضولي من أنّ مجرّد إيقاع العقد ليس محرّما. فلا بدّ من الحمل على أنّ النكاح صحيح لأنّه مشروع أصلا ، وليس ممّا لم يأذن الشارع بإيقاعه ، وإنّما هو لم يأذن سيّده بذلك ، وبعد لحوق الإذن منه يكون صحيحا يترتّب عليه الأثر.
فمفاد الرواية : فساد المعاملة التي لم يأذن الشارع بإيقاعها ، وهو من الامور الواضحة التي اتّفق عليها الفريقان.
وإلى هذا ينظر كلام القوانين : من أنّ الرواية على خلاف المطلوب أدلّ ، فإنّ المراد بالمعصية لا بدّ أن يكون هو مجرّد عدم الإذن والرخصة من الشارع ، وإلاّ فمخالفة السيّد أيضا معصية (١).
قوله : « على خلاف المطلوب أدلّ » يحتمل أن يكون نظره إلى أنّ الأخذ بظاهر العصيان اللازم من مخالفة السيّد يوجب الحكم بالفساد ، مع أنّ الرواية صريحة في الحكم بالصحّة مع الحكم بالعصيان من هذه الجهة ، إلاّ أنّه يجب حمله على ما ذكره من الجهة المذكورة.
والجواب عنه : أنّه لا يصلح حمل العصيان على عدم الإذن ، فإنّه خلاف معناه الحقيقي ، فلا يصار إليه. وما ذكره من الصارف من أنّ عصيان المولى أيضا معصية ، لا يوجب حمله عليه بعد احتمال ما ذكرنا من الحمل على العصيان من غير جهة أنّه
__________________
(١) القوانين ١ : ١٦٢.