فعل من الأفعال ، مع كونه أظهر قطعا ، لدوران الأمر بين تقييد العصيان بما ذكرنا وبين كونه مجازا عن عدم الإذن ، ولا شكّ أنّ الأوّل أقرب.
وأمّا ما استند إليه : من أنّ عدم الإذن لا يوجب العصيان ، ففيه : أنّ الرواية الاولى ليست صريحة في عدم النهي ، فإنّ قولنا : « بغير إذن » قد يستعمل في مقام العصيان أيضا ، غاية الأمر عمومه لصورة عدم النهي أيضا ، وحمل « العصيان » في كلام الإمام على عدم الإذن مرجوح بالنسبة إلى حمله على صورة وجود النهي ، كما ربما يعاضده استقرار العادة على الاستيذان في مثل هذه الامور الخطيرة ، بل ربما يعدّ الإقدام على مثل النكاح بدون إذن المولى وإن لم يكن مسبوقا بالنهي عصيانا. ولا يقاس ذلك بالفضولي ، فإنّ الفرق بين إجراء الصيغة في المال المتعلّق بالغير وبين الإقدام على النكاح والدخول المستلزم لتعلّق المهر بذمّة العبد ـ كما هو مورد الرواية الثانية ـ في غاية الظهور.
وأمّا في الرواية الثانية فلا بدّ أيضا من حمل « عدم الإذن » على صورة النهي ، كما يدلّ عليه قول السائل : « فإنّه في أصل النكاح عاص » مع فرض السؤال في صورة عدم الإذن. ولا ينافيه قوله : « ثم اطّلع » فإنّه يلائم صورة النهي أيضا كما لا يخفى. مع أنّ حمل « العصيان » على عدم الإذن يوجب التفكيك.
وبيانه : أنّ الإذن في كلام المعترض ليس إذنا تكليفيّا ، فإنّ عدمه يكون عصيانا حقيقة ، فمراده الإذن الوضعي ، والإذن الوضعي ليس من شأن المولى ، بل إنّما هو شأن الشارع. فما ذكر في توجيه الرواية : من أنّ المراد أنّه ليس ممّا لم يأذنه الشارع وإنّما السيّد لم يأذنه ، يوجب حمل « الإذن » في الأوّل على الجعل والوضع ، وفي الثاني على التكليف ، وهو خلاف الظاهر. سلّمنا أنّ المراد عدم الإذن ، ولكنّه أيضا يدلّ على المطلوب ، فإنّ النهي يلازم عدم الإذن الموجب للفساد ، إلاّ أنّ ذلك ليس تعويلا على الرواية ، فإنّ الملازمة المذكورة ليست مستفادة من الرواية ، بل التعويل على ما ذكرنا من الغلبة والظهور في النواهي الواردة في المعاملات.