جميع الامور المعتبرة فيها ، كما لا يجوز أن يخبر بأنّ « هذا زيد » إلاّ بعد العلم بكونه زيدا ، والتالي باطل ؛ للاتّفاق على جواز الإخبار ولو مع عدم العلم بالصحّة.
واجيب عنه : بأنّ صحّة الإخبار في المفروض إنّما هو بواسطة إحراز الصحّة بطريق شرعي ، وهو : أصالة الصحّة المعمولة في جميع موارد اشتباه الصحيح بالفاسد.
واعترض عليه : بأنّ التعويل على الأصل المزبور يوجب صحّة الإخبار بأنّ « صلاة زيد صحيحة » وهي ممنوعة ، مضافا إلى أنّ الإخبار ـ بناء على ظاهر الحال ـ مبنيّ على التجوّز ، لأنّ الألفاظ موضوعة للمعاني الواقعيّة ، لا لما يعتقده المتكلّم (١).
وفيه : أنّ المنع المزبور ـ بعد تسليم الأصل ـ راجع إلى منع المقدّمة المفروض ثبوتها ؛ إذ لا يراد بالصحيحة المخبر عنها إلاّ ما هي حاصلة بواسطة الأصل المذكور المفروض ثبوته بالأدلّة المقرّرة في محلّها ، كما يصحّ الإخبار بطهارة ثوب محكوم بالطهارة بواسطة الاستصحاب. نعم ، قد عرفت أنّ الأصل المذكور لا يجدي في إطلاق لفظ « الصلاة » بواسطة إجمال لا دخل للأصل في ارتفاعه ، كما لا يخفى.
وأمّا ما زعمه من لزوم التجوّز لو كان بناء الإخبار على ظاهر الحال :
فإن أراد منه أنّ الصحّة المعتبرة في المحمول إنّما هي صحّة اعتقاديّة لا واقعيّة ، بمعنى أن يكون لاعتقاد الفاعل أو الحامل مدخل في معنى الصحّة ـ كما هو ظاهر التعليل بقوله : لأنّ الألفاظ موضوعة للمعاني الواقعيّة ... إلى آخره ـ فعدم استقامته ممّا لا يكاد يخفى ؛ إذ لم نقف على ملازمة بين دخول الاعتقاد في مفهوم الصحّة وبين حملها على الظاهريّة.
وإن أراد منه أنّ لفظ « الصحيح » موضوع لما هو صحيح واقعا ، فاستعماله فيما هو صحيح شرعا ـ كما هو مفاد الأصل المذكور ـ مجاز ، كما أنّ لفظ « الماء » موضوع
__________________
(١) انتهى كلام السيّد المجاهد قدسسره.