كما زعمه ، لا وجه للتعدية إلى ما ليس نظيرا له بحكم العرف ، فإنّ المجاز مع القرينة لا يوجب رفع اليد عن أصالة الحقيقة عند عدمها. وبعد ظهور التركيب في نفي الذات عرفا يصير دليلا على الصحيح من دون توقّف ، فلا دور. والتخصيص ممّا لا ينكر في العمومات ونحوها ، فلا وجه لرفع اليد عنها بواسطة لزوم التخصيص ، مع أنّ التخصيص لازم على كلّ حال (١).
الرابع : ظواهر جملة من الأخبار والآيات الواردة في مقام بيان خواصّ العبادات وآثارها ، كقوله تعالى : ( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ )(٢) وقوله عليهالسلام : « الصلاة خير موضوع » (٣) ونحو ذلك ؛ فإنّ هذه ـ بحكم عكس النقيض ـ تدلّ على أنّ ما لا تنهى ليس بصلاة.
وفيه : أنّ ذلك مبنيّ على أن يكون تلك الخطابات واردة في مقام بيان أحكام تلك العبادات على وجه الإطلاق ، وذلك وإن لم يكن منافيا للإجمال المفروض فيها عند المستدل ؛ إذ لا ينافي الإجمال مع كون الحكم ساريا في جميع أفراد المجمل ، إلاّ أنّه غير معلوم ، بل قد عرفت فيما تقدّم أنّها غير واردة في هذا المقام.
وقد يستكشف ورود قوله تعالى : ( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ )(٤) في مقام البيان عن كونه تعليلا لقوله : ( أَقِمِ الصَّلاةَ ) ولا وجه لذلك ؛ لاحتمال عدم وروده أيضا في مقام البيان ، فينطبق التعليل على مورده ، كما لا يخفى.
__________________
(١) في « ط » بدل « حال » : « تقدير ».
(٢) العنكبوت : ٤٥.
(٣) مستدرك الوسائل ٣ : ٤٣ ، الباب ١٠ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ، الحديث ٩.
(٤) العنكبوت : ٤٥.