هو الصحيح ، فيصير منهيّا عنه لحصول الحنث بفعله ، والنهي يقتضي الفساد ، فيكون متعلّق الحلف فاسدا ، وذلك يوجب عدم تعلّق الحلف به ، فلزم من تعلّق الحلف به عدم تعلّق الحلف به.
وبوجه آخر : أنّ ثبوت اليمين ـ كما هو المفروض ـ يقتضي النهي ؛ لعدم جواز الحنث ، والنهي يقتضي الفساد ، والفساد يقتضي عدم تعلّق اليمين ؛ لأنّ المفروض تعلّقه في كلام الحالف بالصحيح ، وهو يقتضي الصحّة لعدم تعلّق الحلف به ، وهو يقتضي الفساد ؛ لما تقدّم.
والجواب عنه أوّلا : أنّ الفساد إنّما يقتضي عدم تعلّق الحلف به فيما إذا كان متعلّقه مع قطع النظر عن تعلّق الحلف به فاسدا ، كما إذا كان المحلوف على تركه فعل الصلاة بدون الركوع مثلا ، وأمّا الفساد الذي جاء بواسطة تعلّق الحلف بتركه فهو لا يقتضي عدم تعلّق الحلف به ، بل هو من آثار تعلّق الحلف به ، فهو لا ينافي تعلّقه به بل يؤكّده ، كما لا يخفى على من أمعن النظر.
فإن قلت : فهل يحصل الحنث بفعل الصلاة في ذلك المكان أو لا؟ فلو قيل بالأوّل يلزم عدم اقتضاء النهي الفساد ؛ لأنّ الحنث لا يحصل إلاّ بفعل المحلوف على تركه ـ والمفروض أنّه الصحيح ـ ووقوع الصلاة صحيحة يقضي بعدم اقتضاء النهي الناشئ من حرمة الحنث الفساد. ولو قيل بالثاني يلزم عدم إمكان الحنث ، مع أنّ الفريقين لا يقولان به ، فلا بدّ من التزام إرادة الأعم ، ليحصل الحنث بفعله.
قلت : لا نسلّم أنّ القائل بالصحيح يلتزم بإمكان الحنث ، ولو سلّم فلا ينافي إرادة الصحيح ؛ لأنّ متعلّق الحلف لا يراد بصحّته إلاّ كونه تامّ الأجزاء والشرائط بحيث لو تعلّق به الأمر وقع صحيحا ، غاية الأمر أنّ قبل تعلّق الحلف به كان متعلّقا للأمر ، وبعد تعلّق الحلف ارتفع الأمر ؛ لورود نقيضه وهو النهي عليه ، فاقتضى الفساد ووقوع الحنث لو وقع تامّ الأجزاء والشرائط كما كان متعلّقا للأمر قبل تعلّق النهي به.