باعتبار زيادة جزء أو نقص شرط ونحوه ، فالمنهيّ عنها لا يعقل أن تكون صحيحة بمعنى استجماع الأجزاء والشرائط. وأمّا ما تقرّر عندهم : من صحّة الصلاة في الدار المغصوبة إذا وقعت في حالة النسيان (١) ، فلا دليل فيه على تعلّق الأمر والنهي بطبيعة واحدة ، بل المنهي عنه يغاير المأمور به ، غاية الأمر أنّ الذي أوجب بطلان الصلاة ـ وهو الغصب ـ إنّما يرتفع في حال النسيان ؛ لاختصاص وجوده واقعا بحالة الذكر ، كما لا يخفى. ولذا لا يرتفع الكراهة بمعنى قلّة الثواب في الصلاة في الحمّام إذا وقعت حال النسيان (٢) ، كما يشعر بذلك تصريح بعضهم بثبوت الكراهة في التوضّؤ بالماء المشمّس إذا كان منحصرا (٣).
قلت : قولك أمر يجب الالتزام به بواسطة دليل عقليّ خارج عن مفاد اللفظ بحسب الأوضاع اللغويّة ، وأمّا بملاحظة القواعد اللغويّة يجب المصير إلى ما ذهب إليه أبو حنيفة بالمعنى الذي ذكرنا ، كما ذهب إليه فخر الدين ، ونبّهنا عليه في مبحث اقتضاء النهي للفساد (٤). نعم ، ذلك ليس من مقتضيات النهي ـ كما زعمه أبو حنيفة ـ بل بواسطة وضع اللفظ للمعنى الجامع للأجزاء والشرائط. هذا بحسب القواعد اللفظيّة ، وأمّا بحسب الدليل العقلي فلا بدّ من الالتزام بأنّ المستعمل فيه هو الأعم ، ولا دليل فيه على الوضع لكونه أعم.
السابع : أنّها لو لم تكن موضوعة للأعم لزم أن لا يكون فرق بين الجزء والشرط ، والتالي باطل ، فالمقدّم مثله.
__________________
(١) انظر الشرائع ١ : ٧١ ، والمدارك ٣ : ٢١٩ ، والجواهر ٨ : ٢٩٣.
(٢) لم ترد عبارة « لاختصاص وجوده ـ إلى ـ حال النسيان » في « ع ».
(٣) صرّح به الشهيد الثاني في الروض ١ : ٤٣٠.
(٤) راجع مطارح الأنظار ٧٦٣ ـ ٧٦٤.