يمنع من قبول الشاهد الواحد حتّى ينضمّ إليه شاهد آخر ، فانضمام الثاني إلى الأوّل شرط في القبول ، ثمّ علمنا أنّ ضمّ امرأتين إلى الشاهد الأوّل شرط في القبول ، ثمّ علمنا أنّ ضمّ اليمين إلى الأوّل يقوم مقامه أيضا ، فنيابة بعض الشروط عن بعض أكثر من أن تحصى ، مثل الحرارة ، فإنّ انتفاء الشمس لا يلزم انتفاء الحرارة ، لاحتمال قيام النار مقامه. والأمثلة لذلك كثيرة شرعا وعقلا.
والجواب : أنّ ما أفاده ممّا لا ينافي ما نحن بصدده ، فأنّ ظاهر الاستدلال ناظر إلى إمكان نيابة شرط عن شرط آخر فكأنّه جعل النزاع في أمر عقليّ ، فحاول رفع امتناع ذلك بما أفاده. وعلى تقديره فهو حقّ لا محيص عنه ، إلاّ أنّ الظاهر من عناوين المسألة رجوع البحث إلى الأبحاث اللغويّة ، مثل النزاع في وضع هيئة الأمر للوجوب.
وإذ قد عرفت ، فنقول : إنّ المستدلّ إن أراد بذلك منع الظهور الوضعي فيما نحن فيه ، فقد عرفت ممّا تقدّم جوابه. وإن أراد أمرا آخر فهو لا ينافي ما نحن بصدده. وكأنّ السيّد أيضا لا يمنع الظهور ، كما ربما يشعر به قوله في الاستدلال : إنّ قوله تعالى : ( فَاسْتَشْهِدُوا ) يمنع من قبول الشاهد الواحد ، فإنّ هذا هو عين القول بالمفهوم ، غاية الأمر أنّه لم يعوّل عليه ، لما ذكره بقوله : « ثمّ علمنا أنّ ضمّ امرأتين ... الخ » فإنّ الظاهر (١) يدفع بالقاطع كما هو المفروض في كلامه ، كيف! والمنقول منه اعترافه بثبوت مفهوم العدد (٢) مع كونه أضعف من مفهوم الشرط بمراتب.
__________________
(١) في ( ع ) زيادة : « قد ».
(٢) الموجود في الذريعة إنكار مفهوم العدد ، انظر الذريعة ١ : ٤٠٧ ، ولم نعثر على الحاكي.