الأمر به لفظا ، إلاّ أنّ المحبوب واقعا ربما يكون شيئا آخر ولو بعمومه ، فيختلف المقصود المسوق للكلام والمستفاد من الأمر بحسب ما تعلّق به ظاهرا في مقام اللفظ ، كما إذا أمر المولى بضرب زيد مثلا أو إكرام عمرو ، فإنّه ربما يقال باختلاف المقصود والمطلوب ظاهرا من حيث إنّ الطلب لا يتعلّق إلاّ بالامور الاختياريّة للمكلّف ، ومع ذلك فيمكن الحكم بالإجزاء فيما لو أكرم عمرا من غير اختيار ومن دون قصد إليه ؛ لأنّ عدم تناول الطلب للامور الاضطراريّة التي لا تقع باختيار المكلّف إنّما هو من جهة قصور في الطلب ، وإلاّ فاللفظ المفيد لما تعلّق به الأمر ـ على ما صرّح به السكّاكي (١) ـ مطلق يعمّ القسمين.
وبالجملة ، فاختلاف أحكام المقصود والمطلوب أمر ظاهر لا يكاد يخفى على أوائل العقول ، وإذ قد تقرّر هذه ، فنقول :
لمّا كان الفعل مجرّدا عن الاشتراط بنيّة القربة غير واجد لحسن ملزم للأمر به وكان بعد الأخذ بها حسنا مقتضيا للأمر ولا يمكن الأمر به على وجه يكون الاشتراط بها مأخوذا في الفعل نظرا إلى محذور الدور ، انحصر الطريق في الأمر به أوّلا على وجه يكون نفس الفعل متعلّقا للأمر اللفظي مجرّدا عن اعتبار الاشتراط والقيد ، ليصحّ التقييد بالاشتراط بعد ذلك الأمر ، فالحيلة في الوصول إلى ما هو المقصود واقعا إنّما هو تعلّق الأمر لفظا بما هو مجرّد عن قيد المطلوب ثم التقييد بعد ذلك ، فالمقصود من الأمر بالصلاة هو التقرّب بها ، فإنّ (٢) المطلوب الظاهري هو مجرّد فعل الصلاة ، فما هو متعلّق للأمر الواقعي والطلب الحقيقي
__________________
(١) لم نعثر عليه.
(٢) في ( ط ) بدل « فإنّ » : « وإن كان ».