حسن قطعا ، وما هو مأمور به في مقام اللفظ لا دليل على لزوم كونه حسنا ولا يدّعيه القائل بالملازمة أيضا على ما لا يخفى.
الرابع (١) : الأخبار الدالّة على عدم تعلّق بعض التكاليف بهذه الامّة (٢) رفعا للكلفة والمشقّة عنهم ، كقوله صلىاللهعليهوآله : « لو لا أن أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسواك عقيب كلّ صلاة » (٣) فإنّ وجود المشقّة في الفعل قد يقدح في حسن الإلزام به وإن لم يقدح في حسن أصل الفعل ، وذلك حيث لا يكون هناك ما يحسن الابتلاء ولا يكون في الفعل مزيد حسن بحيث يرجّح الإلزام به مع المشقّة كما في الجهاد ، فالفعل الشاقّ قد يكون حسنا بل واجبا عقليّا لكن لا يحسن الإلزام به لما فيه من التضييق على المكلّفين مع قضاء الحكمة بعدمه (٤).
أقول : ويمكن تحريره بوجهين :
الأوّل : أنّ الأدلّة الدالة (٥) على رفع الحرج عن هذه الامّة ـ على ما يعطي النظر في مساقها ـ أنّها إنّما هي واردة في مقام الامتنان عليهم ، فتلك التكاليف التي تفرّدت تلك الأمّة المرحومة بالعفو عنها لا تخلو : إمّا أن تكون حسنة في الواقع على وجه يقتضي الأمر بها إلزاما ، أو لا ، فعلى الأوّل يلازم القول بانتفاء الملازمة ، وعلى الثاني ينافي الامتنان ، فإنّ ترك الإلزام بما لا ملزم فيه لا يعدّ امتنانا بل التكليف الإلزامي حينئذ يعدّ قبيحا ، ولا امتنان في ترك القبيح ؛ مع أنّه قد
__________________
(١) من الوجوه التي استند إليها صاحب الفصول.
(٢) في ( ش ) زيادة : « قطعا ».
(٣) الوسائل ١ : ٣٥٥ ، الباب ٥ من أبواب السواك ، الحديث ٣.
(٤) الفصول : ٣٣٩.
(٥) لم يرد « الدالّة » في ( ش ).