وأمّا ثانيا فبالمعارضة ، إذ لو كان التكليف في تلك الأفعال قبيحا فلا امتنان في ترك القبيح ولو كان حسنا ، فلا ملازمة بين حسن التكليف ووقوعه على ما زعمه ، فهذا الإيراد على صحته مشترك الورود ، ولا بدّ لكلّ من الفريقين من التفصّي عنه ، فلا يصلح نقضا للملازمة.
وأمّا ثالثا : فبأنّ العسر واليسر من وجوه الفعل واعتباراته ، فيجوز أن يكون الفعل باعتبار العسر قبيحا فلا يكون مكلّفا به. وأمّا إشكال الامتنان فستعرف الحلّ منه على المذهبين.
ثم لا يخفى عدم ورود هذه الإيرادات على التحرير الثاني :
أمّا الأوّل : فلأنّ المخبر الصادق قد كشف عن حسنه ـ على ما عرفت ـ فالقطع حاصل بحسنه ، مع أنّه لا تكليف به.
وأمّا الثاني : فواضح.
وأمّا الثالث : فلأنّ الظاهر من الرواية عدم كون الفعل شاقّا ، بل المشقّة إنّما تحصل من الإلزام به ، كما يظهر من قوله : « أشقّ » حيث استند (١) مشقّتهم إلى نفسه صلىاللهعليهوآله كما لا يخفى.
ولكنّه يرد عليه :
أوّلا : أنّ غاية ما يمكن أن يستفاد من هذه الأخبار هو الظنّ والظاهر يدفع بالقاطع ، فإنّ الدليل الدالّ على الملازمة قطعيّ ولا يعارضه خبر الواحد بل ولا المتواتر لفظا ، فلا بدّ إمّا من حمله على خلاف ظاهره ، كأن يقال : إنّ المشقّة في تلك التكاليف إنّما هي من وجوه المكلّف به ، فبعد العسر والمشقّة لا يكون حسنا ، فلا مخالفة أو من طرحه.
__________________
(١) كذا ، والأنسب : أسند.