حاصلا في الحكم في هذه النشأة ، فلا يبقى اعتقاده القائم بنفسه الذي وجب اتّباعه ، فاستصحاب بقاء الظنّ الحاصل له في الحياة بنحو حصوله فيها غير معقول ، إذ من شرائط الاستصحاب بقاء الموضوع على حاله ، فقياس حال الموت بحال الحياة غلط ناش عن عدم البصيرة (١) ، انتهى.
وظاهره تسليم أنّ الظنّ يمكن بقاؤه بعد الموت وإنّما يناقش في جريان الاستصحاب بواسطة احتمال انقلابه إلى خلافه لاحتمال مخالفته للواقع. وهذا الاحتمال لا يجدي في العلوم المطابقة للواقع والمعارف الحقّة ، كما هو ظاهر.
ثم إنّ ما ذكره إلى آخره لا ينهض بدفع الاستصحاب ، فإنّ مجرّد إمكان انقلاب الظنّ بخلافه لا يكون موجبا لعدم جريان الاستصحاب ، بل هو محقّق لجريانه كما لا يخفى. والقول : بأنّ الموت يوجب زوال الظنّ قطعا إمّا بواسطة كونه مخالفا للواقع وإمّا بواسطة انقلابه علما مطابقا للظنّ فلا يجري الاستصحاب مبنيّ على عدم جريان الاستصحاب في الأمور المختلفة شدّة وضعفا كالسواد المردّد بين انقلابه بياضا أو اشتداده ، والظاهر مساعدة العرف على جريان الاستصحاب في مثل المقام وإن كان الوجه عدم جريانه بملاحظة الدقّة.
إلاّ أنّه مع ذلك لا وجه للاستصحاب في المقام ، فإنّ جواز التقليد ربما يقال مترتّب على الظنون الحاصلة للمجتهد في حال الحياة ولم يدلّ دليل على جواز الرجوع إلى ظنّ المجتهد ولو كان باقيا بعد الموت.
وتوضيحه : أنّ جريان الاستصحاب في الظنّ باعتبار مطلق الاعتقاد الحاصل في ضمن العلم أو الظنّ إنّما يثمر في جواز التقليد بعد الموت فيما لو كان جواز التقليد ثابتا لمطلق الاعتقاد ، وليس كذلك ، بل المعلوم إنّما هو ثبوته للظنّ
__________________
(١) انتهى ما قاله الميرداماد ، انظر شارع النجاة ، المطبوع ضمن ( اثني عشر رسالة ) : ١٠ ـ ١١.