والجواب عنه من وجهين :
الأوّل : النقض بحال الحياة فيما لو عرض للمجتهد الفسق أو الجنون أو الكفر أو تغيير الرأي إلى غير ذلك من أسباب العدول.
والثاني : الحلّ بأنّ هذا الكلام مبنيّ على أن يكون الفتوى هي الرواية المنقولة بالمعنى ، وقد قرّرنا الفرق بينهما ، ولذلك لا يجوز التقليد فيما طرأ الفسق بعد الفتوى مع جواز الأخذ بروايته حال العدالة كالأخذ بها حال الإفاقة فيما لو جنّ ، فالمجتهد تارة يكون أهلا لأن يطاع وتارة لا يكون ، وليس ذلك شراكة للشارع ، فإنّ هذه أحكام مأخوذة منه.
نعم ، من لا يبالي بالطعن على العلماء الصالحين ـ الّذين ينبغي أن يقال في حقّهم : لو لا هؤلاء لانطمست آثار الشريعة ـ والتعريض عليهم بما عرفت في ذيل كلام لا يبعد في حقّه دعوى اشتراكه للشارع. أترى أنّ الإمام عليهالسلام يرضى بمقايسة حال مثل الشهيدين والمحقّقين وغيرهما من العلماء العاملين والفضلاء الكاملين بحال الكوفي ، حاشاهم! ثم حاشاهم!
الثالث : الاستصحاب وتقريره من وجوه ، فإنّه تارة يراد انسحاب الحكم المستفتى فيه ، وأخرى يراد انسحاب حكم المستفتي ، وثالثة يراد انسحاب حكم المفتي.
فعلى الأخير يقال : إنّ المجتهد الفلاني كان ممّن يجوز الأخذ بفتواه والعمل مطابقا لأقواله وقد شكّ بعد الموت أنّه هل يجوز اتّباع أقواله أو لا فيستصحب كما أنّه يستصحب ذلك عند تغيّر حالاته من المرض والصحّة والشباب والشيب ونحوها.
وعلى الثاني يقال : إنّ للمقلّد الفلاني كان الأخذ بفتوى المجتهد الفلاني حال الحياة وبعد الموت نشك فيه ، فنستصحب الجواز المعلوم في السابق.