والأحكام الفرعيّة ، فإنّه يكون وسطا في القياسيات التي يطلب فيها ترتيب آثار متعلّقات تلك الظنون التي قد كانت طرقا إليها في حدود أنفسها. مثلا : إنّ شرب الخمر المظنون حرمته بواسطة أمارة ظنّية معتبرة إنّما يستفاد الحكم فيه في مقام العمل والظاهر بواسطة الظنّ ، كأن يقال : إن شرب الخمر ممّا يظنّ حرمته بواسطة أمارة كذائيّة وكلّ ما يظنّ حرمته فيجب ترتيب آثار الحرمة الواقعيّة الّتي كان الظن طريقا إليه على ذلك المظنون ، فينتج وجوب ترتيب الآثار على هذه الحرمة المظنونة ، من لزوم الاجتناب عنها وغيرها من الأحكام ، وذلك ظاهر في الغاية.
نعم يتمّ كون القول موضوعا في المقام فيما إذا قلنا : بأنّ الفتوى هي عبارة عن نقل الحديث على وجه المعنى ـ كما زعمه الأخباريّ ـ وهو خلاف الواقع كما لا يخفى على المطّلع.
وأمّا حديث بقاء الظنّ بعد الموت وارتفاعه فالإنصاف ـ كما عرفت ـ أنّه [ لا ] مسرح للعقل فيه ؛ لتعارض الأمارات من الطرفين ، إلاّ أنّ المقصود في المقام غير منوط به أيضا ، إذ على القول بالبقاء أيضا لا يعلم سريان الحكم فيما إذا كان مستندا إلى الظنّ بعد الموت ، إذ القول به موقوف على أن يكون الظنّ موضوعا على وجه الإطلاق سواء كان بعد الموت أو قبله ، وذلك أيضا غير معلوم ؛ لأنّ دليل التقليد ـ على ما هو التحقيق ـ منحصر في الإجماع والضرورة والسيرة ، ولا ينفع شيء منها في تشخيص الموضوع.
وأمّا الإطلاقات الدالّة على التقليد ـ كما ادّعاها بعضهم ـ فلا دلالة فيها على التقليد أوّلا ، وعلى تقديره فلا يستفاد منها أنّ الموضوع هو الظنّ على وجه الإطلاق ، بل الظاهر من جملة من الأدلّة الخاصّة بل العامّة الآمرة بالرجوع إلى أهل العلم اعتبار الحياة ، كما ستعرف تفصيل القول في ذلك إن شاء الله.