فإن قلت : إنّ ما ذكر إنّما يتمّ فيما إذا لم يجر الاستصحاب في أصل الموضوع ولا مانع منه ، وبعد الاستصحاب الموضوعي لا مجال للشكّ أصلا.
قلت : إن أريد من استصحاب الموضوع وجريانه تصحيح الاستصحاب الحكمي ـ كما يظهر عن بعض الأجلّة في بعض الموارد ـ فهو كلام فاسد مختلّ النظام.
أمّا أولا : فلأنّ استصحاب الموضوع لا يجدي في ترتيب الأحكام الغير الشرعيّة ، وجريان الاستصحاب الحكمي ليس من الأحكام الشرعيّة المترتّبة على الموضوع حتّى يصحّ الاستصحاب على تقدير استصحاب الموضوع.
وأمّا ثانيا : فلأنّ الاستصحاب الموضوعي بعد جريانه لا حاجة إلى إجراء الاستصحاب الحكمي ، فإنّه بمنزلة المزيل. على أنّه لا معنى لاستصحاب الموضوع إلاّ ترتيب الأحكام التي منها الحكم المشكوك.
وإن أريد من استصحاب الموضوع ترتّب الحكم وهو جواز التقليد لا استصحابه ، فهو إنّما يجدي فيما إذا لم يكن من الأصول المثبتة ـ كما حرّر في محلّه ـ وما نحن بصدده منه.
وتوضيحه : أنّ استصحاب موضوع وجوب التقليد أو جوازه من دون أن يقصد ارتباطه بفتوى الميّت لا يجدي في الاعتماد على فتوى الميّت ، ومع إرادة إثبات الارتباط بوجه من الوجوه إلى الفتوى فهو من الأصول المثبتة ، فإنّ استصحاب الموضوع المطلق لا يتعيّن في شيء خاصّ إلاّ بعد إعمال مقدّمة عقليّة أو عاديّة ، وذلك نظير استصحاب وجود الكرّ المطلق في الحوض لإثبات كرّية الماء المخصوص ، فإنّه لا يجدي في ذلك إلاّ بعد العلم بأنّ ذلك المطلق غير متحقّق إلاّ في الفرد الموجود.