والحقّ أنّه منحصر في هذه المسألة في قولين : قول باشتراط الحياة في الاستدامة ، وقول بعدم الاشتراط ، فإذا قلنا بالاشتراط فلا وجه لمسألة العدول لبطلان التقليد بواسطة انتفاء شرط آخر مثل تبدل الرأي أو عروض الفسق أو الجنون. وإذا قلنا بعدمه فيكون من موارد العدول وعدمه.
والأقوال في مسألة العدول لا ينبغي عدّها في أقوال هذه المسألة ، كما أنّ القول بوجوب تقليد الأعلم لا ينبغي عدّه في أقوال هذه المسألة ؛ مع أنّ ذلك إنّما يتمّ فيما إذا صار الحيّ أعلم بعد الموت ، إذ لو كان قبله لم يجز تقليده رأسا. وذلك نظير التفصيل المنقول عن العلاّمة الجرجاني ، حيث أخذ فيه القول بوجوب الأخذ مشافهة. وكيف كان ، فالمختار أيضا هو مختار المشهور ، إلاّ أنّ الأصل في المقام يخالف الأصل في التقليد البدوي.
وتوضيحه : أنّ قضيّة الأصل ـ على ما عرفت سابقا ـ هو المنع مطلقا ، لكونه قدرا معلوما. وليس في المقام كذلك إلاّ على القول بجواز العدول ، فإنّ الرجوع إلى الحيّ لا غائلة فيه على التقادير. بخلاف ما إذا قيل بعدم جواز العدول ، فإنّه يدور الأمر بين الغير الجائز والبقاء الغير الجائز ، فيكون قضيّة الأصل هو التخيير بين الاحتمالين عند عدم المرجّح لأحدهما ، وعلى تقديره فالأخذ بما فيه الترجيح.
ولا سبيل إلى القول بلزوم الأخذ بالبقاء على تقدير حرمة العدول ، فإنّ حرمة العدول في الصورة المفروضة ليست معلومة بل محتملة. كما أنّه لا سبيل إلى القول بلزوم العدول ؛ لأنّ جواز العدول وعدمه إنّما يتكلّم فيه ويبحث عنه فيما لو فرضنا صحّة التقليد. وأمّا فيما لو احتمل فساد التقليد أصلا لا وجه لاحتمال حرمة العدول ، فيكون قضيّة الأصل أيضا هو المنع ؛ وذلك : لأنّ احتمال حرمة العدول موجود بعد ، فلا يكون تقليد الحيّ معلوم الصحّة ،