وبالجملة : لا خفاء ولا إشكال عند المحقّقين ، مثل المير (١) والثانيين (٢) وأمثالهم : أنّ الموت يوجب زوال الظن ، وأنّه من الأعراض المشروطة بالحياة ، فدعوى بقائه بعد الموت واهية لا ينبغي الالتفات إليها.
وزعم صاحب الفصول (٣) ـ وفاقا لبعض من تقدّمه (٤) ـ : أنّ سبب زوال الظن إنّما هو انكشاف حقائق الامور بعد الموت. ومنع عن قيام دليل قاطع على ذلك قبل قيام الساعة.
وأنت قد عرفت أنّ زوال الظنّ ليس لأجل انكشاف الواقع وانقلابه بالعلم ، بل لأجل فناء محلّه الذي هو الذهن المتقوّم بتركيب الأخلاط والقوى في البدن.
وأمّا انكشاف الأشياء عند النفس بعد الموت وعدمه فهو مقام آخر لا يتوقّف على أحد الطرفين بفوت المطلوب ، لأنّا لو لم نقل بالانكشاف لقلنا بزوال الظنّ أيضا ، لما ذكرنا.
ثمّ قال : سلمنا ـ يعني زوال الظنون وانكشاف واقع الأحكام للمجتهد ـ لكنّ الاعتقاد الراجح المحقّق في ضمن الظن ممّا يمكن بقاؤه بموافقة العلم الطارئ فيستصحب بقاؤه ، لعدم القطع بزواله ، إذ التقدير تجويز موافقة علمه لظنه وزوال تجويز النقيض (٥) انتهى.
وفيه :
أولا : ما عرفت ، لا ملازمة بين زوال الظن بعد الموت وانكشاف الوقائع ،
__________________
(١) أي المحقّق الداماد.
(٢) أي المحقق الثاني والشهيد الثاني ، كما تقدم في الصفحة : ٥٧٦.
(٣) الفصول : ٤٢٠.
(٤) مثل الوحيد البهبهاني ، انظر الرسائل الفقهية : ٩ ـ ١٥.
(٥) أي كلام الفصول.