فنقول : إنّ الظن قد زال قطعا ؛ لما ذكرنا. وحصول الاعتقاد الجديد الذي حصل له بعد الموت على فرض كونه موافقا للظن بحكم الاستصحاب ـ بناء على حجّيته في مثل المقام ، مع أنّ الاعتقاد الظنّي والاعتقاد الجزمي مرتبتان متضادّتان مختلفتان ، والأول قد ارتفع جدّا ، والثاني حادث جديد ، وإجراء الاستصحاب فيه مبنيّ على المسامحة وعدم التدقيق في البقاء والحدوث كما في استصحاب الألوان الضعيفة مع القطع بتكاملها [ و ](١) انقلابها إلى حالة الشدة على فرض بقائها ـ اعتقاد نشأ لا عن دليل ؛ لأنّ اعتقادات الموتى وعلومهم تحصل بالمكاشفة والشهود ، ولم يقم دليل على أنّ جواز التقليد حكم من أحكام هذا النحو من الاعتقاد الخارج عن عالم الاجتهاد ، وقد تقرّر : أنّ استصحاب الموضوعات الغير الشرعيّة : كالحياة والعلم والظنّ ونحوهما ، إنّما هي عبارة عن إجراء أحكامها الشرعيّة عليها التي يعلم ثبوتها لها على فرض بقائها ، كحرمة نكاح الزوجة على فرض حياة بعلها مثلا ، فحيث كان المستصحب على فرض بقائه ممّا لم يقم دليل شرعيّ على ترتيب الحكم عليه ، لم يكن فائدة في استصحابها.
فبعد اللتيا والتي صار نتيجة كلامه : أنّ الاعتقاد الظنّي الحاصل للمجتهد في حال الحياة قد تكامل بالموت وبلغ حدّ الجزم ؛ بحكم الاستصحاب.
ومن الواضح : أنّ مجرّد ذلك لا يتمّ به المدّعى ، بل لا بدّ أن يكون دليل دلّ على أنّ جواز التقليد حكم من أحكام الاعتقاد الراجح ، كسبيّا كان أو كشفيّا. ثمّ إثبات بقاء الاعتقاد بعد الموت ليترتّب عليه حكمه الشرعي. ونحن نقول ـ كما ستعرف في ردّ الاستصحاب الذي يتمسّك به المجوّزون ـ : إنّ هذا الدليل مفقود ، وحينئذ فلا ينفع استصحاب بقاء الاعتقاد الراجح بعد الموت جدّا.
__________________
(١) اقتضاها السياق.