ساعة أو ساعتين ، فإنّ الظاهر جريان الاستصحاب فيه أيضا ؛ بناء على أنّ الزمان شيء لا يعتبر قيدا لموضوع الحكم وإن كان نظر الدقيق يجعله مثل سائر مقامات الشك من حيث الاقتضاء. وتحقيق كلّ ذلك مطلوب في محلّه.
نعم ، هنا كلام آخر قد ذكرنا [ ه ] (١) هناك وهو : أنّ القائل بجريان الاستصحاب في أمثال المقام ، المبهم فيها موضوع المستصحب في نظر الدقيق ، له أن يقول : إنّ العبرة في بقاء الموضوع وانتفائه إنّما هو بالصدق العرفي ، وأهل العرف يتسامحون في الحكم بالبقاء والانتفاء ، حتى أنّهم يشيرون إلى الكلب المستحيل ويقولون : إنّه كان نجسا والأصل بقاء النجاسة ، مع أنّ المشار إليه في الحالة اللاحقة إنّما هو الجماد الذي لا يطلق عليه الكلب الذي هو موضوع للنجاسة في الأدلة. وهكذا يشيرون إلى ميّت الإنسان ويقولون : إنّه كان يجوز النظر إلى عورته لزوجته في حال الحياة والأصل بقاؤه ، مع أنّ الحلّية كانت ثابتة للنظر إلى عورة الزوج الذي لا ريب في كونه إنسانا لا جمادا إلاّ أنّ المعتمد عندنا ـ كما قلنا في محله (٢) ـ عدم جريان الاستصحاب في أمثال المقام.
وبالجملة : متى حصّلنا موضوع المستصحب من دليله وعلمنا تغيّره أو انتفاءه في الحالة الثانية أو لم نحصّل الموضوع وكنا في اشتباه في ذلك ـ كما إذا كان دليل الحكم لبيّا كالإجماع ونحوه ـ امتنع عندنا جريان الاستصحاب.
وامّا ما تخيّله التوني : من أنّ عدم العلم بتغيّر الموضوع يكفي في جريان الاستصحاب فلا يعتبر إحراز البقاء ، فبعيد من التحصيل في الغاية ؛ لأنّ وجود الموضوع ممّا لا بدّ منه في وجود المحمول حدوثا وبقاء إذ لا يتعقل الحكم بقيام
__________________
(١) اقتضاها السياق.
(٢) انظر فرائد الاصول ٣ : ١٥٧ ، و ٢٩٢ ـ ٣٠٠.