زيد مثلا مع عدم وجود زيد في الخارج فلا بدّ أوّلا من إحراز وجوده ثمّ الحكم ببقاء الحكم ، أي المحمول فيه ؛ للاستصحاب.
فإن قيل : إنّ وجود الموضوع نثبته بالاستصحاب أيضا فلا يقدح في استصحاب حكمه الشك في بقائه.
قلنا : استصحاب الموضوعات الخارجيّة لا يرجع إلى محصّل إلاّ الحكم بترتّب أحكامها عليها شرعا وجواز استصحاب الحكم ليس من أحكام الموضوع حتّى يترتّب عليه ، بل إنّما هو من أحكامها العقليّة ؛ لأنّ اشتراط بقاء الموضوع في جريان الاستصحاب أمر جاء من قبل حكم العقل بامتناع وجود المحمول لا في موضوع ، فليس حكما من أحكام موضوع الحكم حتى يترتّب على وجوده بالاستصحاب ، سلّمنا كونه مما يترتّب عليه بعد استصحابه باعتبار كونه حكما شرعيّا له ، لكن نقول : إذا كان موضوع الحكم ما يجري فيه الاستصحاب كان الحكم مترتّبا عليه من دون حاجة إلى استصحاب آخر يجري في نفس الحكم ، بل لا يبقى مع استصحاب الموضوع محلاّ (١) لجريان الاستصحاب في نفس الحكم ، فإجراء الاستصحاب في الحكم والموضوع ممّا لا يجتمعان في محلّ واحد.
فإن قلت : إذا كان الأمر كذلك ، فنحن نقول : إنّ جواز التقليد ثابت ، إمّا لقول المجتهد أو لظنّه مطلقا أو لظنّه ما دام حيّا ، ولا ندري زوال ذلك الموضوع بعد الموت ؛ لاحتمال كونه أحد الأوّلين فيستصحب ذلك ؛ إذا الأصل بقاء ما قد ثبت له جواز التقليد وباستصحابه يثبت جواز التقليد في حال الموت لكونه حكما من أحكامه شرعا.
__________________
(١) كذا ، والمناسب : محلّ.