قلنا : كون الأصل بقاء موضوع الحكم لا يثبت كون الباقي من الامور المحتمل كونها موضوعا هو الموضوع إلاّ على الأصل المثبت الذي لا نقول به ، والذي يفيد في المقام هو الحكم بموضوعيّة ذلك القول الذي هو الباقي بعد الموت.
وأمّا بقاء الموضوع في العالم من غير إثبات كون الباقي أعني القول موضوعا فلا فائدة فيه جدّا ؛ إذ إثبات كون القول هو الموضوع مثلا بذلك الاستصحاب ، أعني استصحاب الموضوع أخذ بالأصل المثبت فتدبّر في المقام وراجع ما حرّر في الاستصحاب في نفي الأصول المثبتة.
ومنها : الآيات التي استدلّ بها على مشروعيّة التقليد غير واحد من الأصحاب (١) ، فإنّها تدلّ بإطلاقها على حجيّة قول الميّت للمقلّد نحو قول الحي.
الاولى : أية النفر المذكورة في سورة براءة ( ... فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ )(٢).
دلّت على وجوب الحذر عقيب الإنذار الواجب المراد به الفتوى خاصّة أو الأعمّ منها ومن الرواية من وجهين :
أحدهما : أنّ كلمة « لعلّ » بعد انسلاخها عن الترجّي تفيد مطلوبيّة مدخولها ومحبوبيّتها (٣) ، وهو : الحذر عقيب الإنذار في المقام. وإذا ثبت رجحان الحذر وحسنه ثبت وجوبه ، إذ مع قيام المقتضي يجب ، ومع عدمه لا يحسن على وجه الاستحباب أيضا ، بل لا يكاد يتحقّق موضوع الحذر مع انتفاء ما يكون سببا
__________________
(١) مثل آيتي : السؤال والنفر ، انظر الفصول : ٤١١ ، ومفاتيح الأصول : ٥٩٤ ـ ٥٩٧.
(٢) التوبة : ١٢٢.
(٣) كذا ، والمناسب : محبوبيّته.