وإن كان الثاني ، فإجراء الاستصحاب فيه ممتنع عند تغيّر الحيثيّة التي كان الحكم ثابتا للعصير من جهتها ؛ لأنّ المتيقّن في الزمان الأوّل ـ يعني قبل ممات المجتهد ـ إن كان حرمة العصير من حيث كونه متعلّق ظنّ الحيّ لا من حيث كونه عصيرا ، فإن أردت بقولك : « إنّ العصير قد كان حراما » : أنّه كان حراما من حيث ذاته ، فقد كذبت ؛ لأنّ حكم ذات العصير من حيث كونه عصيرا غير معلوم ، وإنّما ظنّ به المقلّد من قول المجتهد. وإن أردت به أنّه كان حراما من حيث تعلّق ظنّ المجتهد الحيّ به ومن جهة كون الاجتناب عنه من جزئيّات اتّباع ظنّ المجتهد الحيّ ، فمسلّم معلوم متيقّن في الزمان السابق ، لكن الموت يوجب تبدّل موضوع هذا الحكم الظاهر إمّا بزوال أصل الظنّ ، كما هو الحقّ ، أو بزوال الحياة إلى موضوع آخر ، ومن الواضح أنّ حكم شيء من الموضوعات لا ينسحب بسبب الاستصحاب إلى موضوع آخر ، وبعبارة اخرى : إن أردت استصحاب الحكم الواقعي فلا يقين به في الزمن السابق ، وأن : أردت استصحاب الحكم الظاهري الذي موضوعه ظنّ الحيّ ، إمّا بدعوى كونه قول المفتي ، يعني إخباره عن الواقع كالرواية التي هي موضوع لوجوب عمل المجتهد بها ، أو بدعوى كونه مظنون المجتهد في أحد الأزمنة ، أو كونه ظنّ المجتهد سواء كان حيّا أو ميّتا مع دعوى بقاء الظنّ بعد الموت ، فمع قيام أدلّة واضحة على بطلان كلّ من هذه الاحتمالات ـ كما ظهر طائفة منها من تضاعيف الكلمات الماضية ـ نقول مماشاة : إنّ هذه الدعاوي ليست ممّا قام على شيء منها دليل واضح ، بل مقتضى أدلّة التقليد كون الموضوع ما قلنا : من ظنّ الحيّ ولو من جهة التمسّك بالأصل الذي قد عرفت عدم قيام دليل وارد عليه ، فغاية ما في الباب صيرورة حكم السابق مشكوكا ، وقد قرّرنا واخترنا في محلّه عدم حجّية الاستصحاب عند الشك في الموضوع.