ومنها : ظواهر الآيات والأخبار الدالّة على جواز التقليد ؛ فإنّ المستفاد منها ثبوت الحكم المقلّد فيه في زمن المقلّد ؛ إذ لم يشترط في وجوب الحذر الإنذار ، والمدلول عليه بآية النفر بقاء المنذر. ولم يقيّد إطلاق الأمر بالتعويل على أقوال العلماء بصورة بقائهم.
وفيه :
أوّلا : منع دلالتها على أصل التقليد ، وسند المنع بالنسبة إلى كلّ واحد منها قد مرّ سابقا (١).
وثانيا : منع إطلاقها بالنسبة إلى صورة البقاء وعدمه ، لأنّ ما عدا آية النفر لا يدلّ على وجوب [ قبول ](٢) قول العالم إلاّ من باب الاستلزام العرفي ، من حيث إنّ الأمر بالسؤال والرجوع إلى العالم لو لم يقصد منه القبول بعد السؤال لكان لغوا. وهذا الاستلزام أمر معنويّ لا إطلاق فيه بالنسبة إلى شيء من الأحوال فضلا عن حالتي الحياة والموت.
وأمّا آية النفر فغاية ما يفيده ذيلها من قوله : ( لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) وجوب القبول من المنذرين الأحياء ، فإمّا يدلّ على اشتراط وجوب الحذر ببقاء المنذرين كما نقول ؛ نظرا إلى تقدير الحذر مقدار الإنذار القائم بنفس الأحياء ، فهو المدّعى أو لا يدلّ على شيء من الاشتراط وعدمه ، بل على ثبوت الحكم في حال حياتهم في الجملة ، فإن كان الأوّل ، كانت الآية دليلا على اشتراط الحياة. وإن كان الثاني ، فلا بدّ في إثبات الحكم عند تغيّر هذه الحالة من التمسّك بالاستصحاب الذي قد عرفت جوابه ؛ لأنّ احتمال مدخليّة بعض الأحوال
__________________
(١) راجع الصفحة : ٥٩٣ ـ ٦١٥.
(٢) الزيادة اقتضاها السياق.