وجود المانع عن التأثير ، وهو حصول الأثر في المحل. وكيف كان ، ففساد هذه الدعوى ظاهر لمن تأمّل الأسباب العقليّة والعاديّة.
وممّا ذكرنا يظهر فساد ما زعمه أخيرا من احتمال عدم اشتراط السبق ، كما أفاده أوّلا ، حيث قال : وجاز أن لا تكون مشروطة به فيشترط حينئذ استدامة التأثير به ، فيكون العلّة بعد تحقّقه هو والسابق ، كما في صورة التوارد في زمان واحد. والأسبقيّة لا تصلح للترجيح حينئذ ، لأنّ العلّيّة إذا كانت مستدامة كانت بالنسبة إلى كلّ زمان كالعلّة الابتدائيّة (١). والظاهر أنّه أراد بما أفاده أنّه يلتزم بتعدّد المسبّبات عند تعدّد الأسباب المتعاقبة ، لكن بواسطة اعتبار الزمان جزءا من المسبّب ، فالحدث الحاصل في القطعة الاولى من الزمان مسبّب عن النوم الأوّل مثلا وفي الثانية عن الثاني وهكذا ... وإن كانت العبارة غير خالية عن حزازة ، كما لا يخفى على المتأمّل.
وجه الفساد : أنّ بعد ما عرفت من العلاج لا حاجة إلى هذه التكلّفات التي لا يساعدها اعتبار ، فإنّ استفادة هذه التقييدات من دليل السببيّة فيما إذا كان لفظا ممّا لا سبيل إليها ، وإذا كان عقلا ـ كما في الأسباب العقليّة ـ يلزم تخلّف المعلول عن العلّة ، إذ المفروض أنّ السبب الأوّل إذا لم يتعاقبه السبب الثاني يكفي في الاستدامة أيضا ، فلحوق الثاني لا يترتّب عليه شيء قطعا ، وذلك ظاهر.
الثاني من الأمرين (٢) اللذين يمكن الاستناد إليهما في منع المقدّمة الاولى من الدليل المذكور : ما يمكن استظهاره ممّا قدّمنا.
__________________
(١) الفصول : ٣٨٥.
(٢) تقدّم أولهما في الصفحة : ٥٩.