ومحصّله : أنّ قضيّة القواعد اللفظيّة فيما نحن بصدده وحدة الأثر والتكليف ؛ وذلك لأنّ اللفظ الواقع في الجزاء موضوع للطبيعة المرسلة التي لا يشوبها شوب التعدّد ـ كما هو المختار في وضع (١) اسم الجنس ـ ولا شكّ أنّ الماهيّة في تلك المرتبة واحدة فلا تتحمّل وجوبين ، إذ لا فرق في امتناع الأمثال بين أن يكون الوحدة شخصيّة أو نوعيّة ، فعند تعدّد الأسباب لا دليل على تعدّد الآثار والتكاليف ، لعدم صلاحيّة الفعل المتعلّق للتكليف المدلول عليه باللفظ المأخوذ في الجزاء للتعدّد ؛ ولذلك قلنا : عند تعدّد الأوامر الابتدائيّة لا دليل على ترجيح التأسيس على التأكيد ، فإنّ التأكيد (٢) بمقتضى اللفظ بعد كونه معنى انتزاعيّا.
لا يقال : إنّ كون الماهيّة في تلك المرتبة متّحدة لا يجدي في دعوى الاتّحاد ، لأنّ الوحدة أيضا خارجة عنها وإن كانت متّصفة بها حقيقة ، فمدلول اللفظ لا ينافي الكثرة.
لأنّا نقول : عدم دلالة اللفظ على الكثرة كاف في المدّعى ، لإثبات الوحدة بالأصل عند عدم الدليل على خلافها.
أقول : إنّ بعد الاعتراف بأنّ اللفظ الواقع في الجزاء إنّما هو موضوع لنفس الماهيّة الخارجة عنها الوحدة وغيرها من أوصاف الماهيّة ، لا ينبغي الارتياب في تعدّد الأثر والتكليف ؛ إذ الوحدة لا وجه لها حينئذ إلاّ الأصل ، وهو لا يقاوم الدليل ، وهو ظهور دليل السببيّة في الفعليّة ، ولازمها التعدّد في المحلّ القابل ، والمفروض قابليّة المحلّ أيضا ، لعدم مدخليّة الوحدة النوعيّة في الموضوع له.
__________________
(١) في ( ع ) : « موضوع ».
(٢) لم يرد « فإنّ التأكيد » في ( ع ).