هداية
الحقّ ـ كما عليه كثير من أهل التحقيق ـ : أنّ الحكم المغيّا بغاية يرتفع بعد حصول الغاية على وجه لو قيل بثبوته بعدها كان مناقضا للدليل الأوّل. وهو المراد بمفهوم الغاية.
وتنقيح المبحث موقوف على رسم مقدّمة ، وهي :
أنّ لفظ « الغاية » قد يطلق ويراد به النهاية ، كما في قولك : « بلغ الغاية ». ولعلّ منه الغاية الداعية إلى الفعل والعلّة الغائيّة ، حيث إنّه يترتّب عليه بعد وصوله إلى نهايته ، كما لا يخفى.
وقد يطلق ويراد به المسافة ، كما صرّح به التفتازاني في قولهم : « من » لابتداء الغاية و « إلى » لانتهاء الغاية. قال في محكيّ التلويح : المراد بالغاية في قولهم : « من لابتداء الغاية » المسافة ؛ إطلاقا لاسم الجزء على الكلّ ، فالغاية هي النهاية وليس لها ابتداء (١) ، انتهى.
والظاهر أنّ المراد من « المسافة » ليس خصوص المكان والزمان وإن كان يعطيه ظاهر بعض الكلمات في بعض المقامات ، بل المراد مطلق الامتداد الحاصل في غير المكان والزمان أيضا ، كما في قولك : « أنشدت القصيدة من أوّلها إلى آخرها » فإنّ المسافة المعقولة في ذلك ليست مكانيّة ولا زمانيّة ، كما لا يخفى.
__________________
(١) شرح التلويح على التوضيح ١ : ٢٨٧.