فَقَامَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ مُنْتَصِباً (١) ، فَأَرْسَلَ يَدَيْهِ جَمِيعاً عَلى فَخِذَيْهِ ، قَدْ ضَمَّ أَصَابِعَهُ ، وَقَرَّبَ بَيْنَ قَدَمَيْهِ حَتّى كَانَ بَيْنَهُمَا قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ مُنْفَرِجَاتٍ (٢) ، وَاسْتَقْبَلَ (٣) بِأَصَابِعِ رِجْلَيْهِ جَمِيعاً الْقِبْلَةَ ، لَمْ يُحَرِّفْهُمَا (٤) عَنِ الْقِبْلَةِ ، وَقَالَ بِخُشُوعٍ (٥) : « اللهُ أَكْبَرُ » ثُمَّ قَرَأَ الْحَمْدَ بِتَرْتِيلٍ (٦) ، و « قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ » ثُمَّ صَبَرَ
__________________
(١) في مرآة العقول ، ج ١٥ ، ص ١٠٢ : « قوله عليهالسلام : منتصباً ، يدلّ على الانتصاب ، وهو استواء فقرات الظهر وإرسال اليدين وضمّ الأصابع حتّى الإبهام ». وفي اللغة : نصب هو ، وتنصّب فلان وانتصب ، إذ قام رافعاً رأسه. راجع : لسان العرب ، ج ١ ، ص ٧٦٠ ( نصب ).
(٢) في « غ ، ى ، بث » : « متفرّجات ». وفي الفقيه والأمالي : « مفرجات ».
(٣) في « ى » : « فاستقبل ».
(٤) في « ظ ، غ » والوافي : « لم يحرّفها ».
(٥) « بخشوع » ، أي بتذلّل وخوف وخضوع ، وفي اللغة : الخشوع : الخضوع ، وهو التطامن والتواضع. ويقال : خشع ببصره ، أي غضّه. قال الشيخ الطبرسي : « روي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم رأى رجلاً يعبث بلحيته في صلاته ، فقال : أما إنّه لوخشع قلبه لخشعت جوارحه. وفي هذا دلالة على أنّ الخشوع في الصلاة يكون بالقلب والجوارح. فأمّا بالقلب فهو أن يفرغ قلبه بجمع الهمّة لها والإعراض عمّا سواها فلا يكون فيه غير العبادة والمعبود. وأمّا بالجوارح فهو غضّ البصر والإقبال عليها وترك الالتفات والعبث ... وروي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يرفع بصره إلى السماء في صلاته فلمّا نزلت الآية طأطأ رأسه ورمى ببصره إلى الأرض ». راجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٢٠٤ ( خشع ) و ( خضع ) ؛ مجمع البيان ، ج ٧ ، ص ١٧٦ ، ذيل الآية ٢ من سورة المؤمنون (٢٣) وللمزيد راجع : الوافي ، ج ٨ ، ص ٨٣٧ ؛ مرآة العقول ، ج ١٥ ، ص ١٠٢.
(٦) ترتيل القراءة في اللغة : التأنّي فيها والتمهّل وتبيين الحروف والحركات تشبيهاً بالثَغْر المرتَّل ، أي الأسنان المنفرجة. وقال الشيخ البهائي في أربعينه ، ص ١٦٣ : « الترتيل : التّأنّي وتبيين الحروف بحيث يتمكّن السامع من عدّها ؛ مأخوذ من قولهم : ثغر رتّل ومرتّل ، إذا كان مفلجاً ، وبه فسّر في قوله تعالى( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ) [ المزّمّل (٧٣) : ٤ ] ، وعن أميرالمؤمنين عليهالسلام : أنّه حفظ الوقوف وبيان الحروف ، أي مراعاة الوقف التامّ والحسن والإتيان بالحروف على الصفات المعتبرة من الهمس والجهر والاستعلاء والإطباق والغنّة وأمثالها. والترتيل بكلّ من هذين التفسير مستحبّ. ومن حمل الأمر في الآية على الوجوب فسّر الترتيب بإخراج الحروف من مخارجها على وجه يتميّز ولايندمج بعضها في بعض ». راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٧٠٤ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ١٩٤ ( رتل ).