|
لضيق ذات يده ، وانسدّت عليه طرق المعاش ، فهو وإن كان يشتغل بتحصيل العلم على هذا الحال إلاّ أنّه كان بمعرض أن يصدّه عن الاشتغال. فلو لا ألثّ عليه هتّان من نوال شيخه الذي كان إليه ملاذ كلّ سميح ومستميح لأفناه العدم والافتياق ، فلم يزل يكابد أهوال الفقر ، ويسلّي نفسه بتملّك أزمّة الفضائل ، وهو عند ذلك يحضر عالي مجلس شيخه العلاّمة ويستفيض من فضله وإفضاله ، ويدرس أهل العلم اللاجئين إليه. وكان كذلك يمضي ملواه حتّى مضى أربع سنين من ذلك ، وهو سالك مسالك التهالك ، إلى أن سنح له أرب جرّه من أرض إلى أرض ، ومن رفع إلى خفض حتّى ساقه إلى مقطع سرّته ومجمع أسرته ، فلمّا عزم على العود عرض على شيخه العلاّمة السبب ، وترخّص من الحضرة العليّة وذهب ، وجاء مع أهله وولده إلى بلده. ثمّ ما مضى شيء من ثوائه بفنائه [ بطهران ] حتّى عزم على التشرّف بذرى طوس ، فركب العيس حتّى ألمّ لديه. واجتمع حين تشرّفه بتلك القبّة السامية ، بالشيخ المعظّم عبد الحسين المتوفى سنة ١٢٨٦ ، وكان بينهما من مراسم الوداد والاتحاد ما يغار به الفرقدان ، وما كانت هذه الشيمة حديثة بل قديمة ولقد كان معه أنيسا ولجنابه جليسا ، وهو مسافر من أصفهان في سفره [ الثاني ] ، ولم يزالا كذلك حتّى سلك الردى بجنابه في مسالك. ثمّ لمّا قضى من زوره الوطر ، قدم في صحبة [ الشيخ عبد الحسين ] وذهبا إلى مسقط رأسهما ومورد استئناسهما. ثمّ نبت فيه غصن الشوق ونشا ، وظمأ إلى لقيا شيخه [ الأنصاري ] ، وعزم الشيخ [ عبد الحسين ] أيضا إلى التشرّف بزور من في الغري ، وسافرا إلى مشهد أمير المؤمنين ، فوقف ثلاث سنين ، ثمّ بعث بمجيء الأهل والبنين. وفي تلك السنة التي سافر فيها [ والدي ] إلى الروضة الغروية والبقعة العلوية وهي سنة ثلاث وسبعين بعد المائتين والألف من الهجرة النبوية ، برزت أنا من
|