|
وأحد من اتّسم بالعزّ والشرافة ، وكان في عنفوان عمره وإبّان أمره من أهل [ نور ] مازندران ، وكان هو وقومه نور تلك البلدان ، فظعن منها إلى طهران ، وعزم فيها على الاستيطان ، تأهّل فيها وتزوّج ، وارتقى في مراقي العزّ والمجد والزهد ، فولد له أبناء هم للخير غيوم وأنواء ، منهم جدّي من والدي العلاّمة ، ومنهم جدّي من أمّي أدام الله لها إكرامه. كان [ والدي ] مذ مشت قدمه علقا بارتقاء مصاعد المعالم والمكارم ، وكان له عمّ ينخرط في سلك المحصّلين ، فاشتغل عليه بقراءة بعض المقدّمات ، واتّسم من الاطّلاع عليها بسمات ، حتّى بلغ عشر سنين وعزم عمّه على الرحيل إلى أصبهان ، فاصطحبه مكتنفا إيّاه في حجره ، فلبث فيها سنة ، وكان عمّه يشجّيه بقوارع الضرب وضرائب اللسان بخيال أمر التأديب ، فسأم تكاليفه ، وأصبح يترقّب الفرج منه ، حتّى عزم عمّه على شدّ الرحال إلى محطّ الشرف والمجد والإقبال مشهد السبط الرضي الشهيد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فطوى الفدافد وهو في عصبة من الأماجد حتّى أتت به المهاوي إلى قرية شهرابان وبينها وبين الزوراء [ بغداد ] مرحلتان ، فصادفوا رهطا من أهل دار الخلافة [ طهران ] ، وفيهم عصبة من قومه وقرنائه ، يعودون من تلك القباب السوامي إلى [ طهران ] ، فرأى أنّ مقاساة شدائد تكليفات عمّه ممّا تفنى به الأطواد ، وهو بصغر سنّه لا يستطيع تحمّلها ، فعزم على الأوب مع العصبة إلى أهل داره وقراره. واشتغل في دار الخلافة [ طهران ] بتحصيل العلوم وتكميل الرسوم حتّى اصطعد ذروة منبر التكليف ، فشدّ ضبع العزيمة والداه على التشرّف بزيارة المفروض [ حج بيت الله الحرام ] حتّى أناخوا بكربلاء المعظّمة فتركوه فيها لاكتساب المعالي ، وصرف أمره إلى بعض من يثق به والده من أودّائه وإخوانه ، وهو يقرأ على بعض وجوه العلم وأعيانه ، حتّى أفضت النوبة إلى عود الحجيج ، وهو ينتظر إياب والديه ، لكنّهما عادا من طريق الشام إلى طهران ، فغالبه التوق إلى وطنه فامتطى أقتب النهوض حتّى حلّ عند أهله. |