الإجماع ونحوه من الألفاظ الدالّة على الاتّفاق كاتّفقت العصابة ، أو أجمعت الأمّة ونحوها ، وأمّا لو قال مثلا بلفظ آخر لا يدلّ على الاتّفاق ، فلا عبرة به قطعا كما فيما لو قال : « قطعا » ونحوه.
فإن قلت : إنّ مقتضى التعبّد بخبر الواحد لا يزيد على الأخذ بنفسه ، وأمّا إجراء أحكامه العادية ولوازمه العقلية فلا ، كما في الأصول المثبتة على ما سيجيء تحقيقه إن شاء الله.
قلت : ذلك في الاستصحاب وأمثاله ـ من الأمور التعبّدية التي من الطرق الظاهرية ـ كذلك ، فإنّ نظر الشارع في جعل تلك الطرق ليس إلى الواقع ، وأمّا في الأدلّة الاجتهادية كخبر الواحد وأمثاله ، فليس كذلك ، فلو أخبرنا عدل (١) بوجود النار في محلّ ، لا بدّ من الأخذ بلوازمه العادية كالإحراق ، والعقلية كالحرارة مثلا كما لو أخبرنا بطلوع الشمس فنحكم باستضاءة العالم ونحوه ، إلاّ أنّه لا بدّ وأن يعلم بأنّ العامل بالإجماع إذا لم يأخذ بما ادّعاه العدل من الانكشاف ، وأخذ (٢) بمجرّد الكاشف ، فتارة على وجه يحصل له الكشف من الكاشف المنقول ، وأخرى لا يحصل.
وعلى الأوّل ، فلا إشكال في حجيته لو كان الكاشف والكشف قطعيا ، وإلاّ فهو طريق ظنّي مبنيّ حجّيته على اعتبار مطلق الظنّ ، وستسمع الكلام فيه عن قريب بما لا مزيد عليه إن شاء الله.
وينبغي التنبيه على أمور :
الأوّل (٣) : أنّه بناء على هذا المسلك ينبغي أن لا يكون فرق بين نقل الإجماع والشهرة كما لا يخفى سيّما بعد ملاحظة انطباق فتاويهم بالنصوص غالبا ؛ فإنّ السلف
__________________
(١) « ل » : عادل.
(٢) « ل » : الأخذ.
(٣) « ل » : الأمر الأوّل.