كانوا يأخذون بفتاوى الشيخ أبي الحسن عليّ ابن بابويه القمّي عند إعواز النصوص ، فإنّ الشهرة قد تكون أدخل في كشفها عن وجود أمارة قطعية على الحكم خصوصا فيما إذا كان الحكم على خلاف الأصول والقواعد ، ولا سيّما إذا كانت المسألة مشهورة بين قدماء أصحابنا كالشيخ ومن قبله ، ولا سيّما إذا كانت عظيمة تكاد تبلغ حدّ الإجماع ، وكان المخالف فيها معدودا في زمرة الشذوذ ، بل قد يمكن الكشف على تقدير نقل اتّفاق جماعة كثيرة ، وتحصيل اتّفاق جماعة أخرى على أن يكون الكشف مستندا إلى المنقول والمحصّل ، فتأمّل ؛ فإنّ الشهرة المحكية قد يحتمل أن تكون أقوى من الإجماع المنقول.
ثمّ لا يخفى أنّ هذا المسلك إنّما يتمّ على تقدير عموم أدلّة الخبر الواحد بنقل فتاوى العلماء لا انحصاره فيما إذا حصل من النقل الاطمئنان.
وقد يفهم من كلام القائل هذا لزوم الأخذ بالكاشف تعبّدا ؛ ثمّ الاستكشاف فقد يورد عليه بأنّ الكشف لا يتأتّى فيه التعبّد كما لا يخفى ، ولذلك وجّهنا كلامه بما مرّ من الأخذ باللوازم العادية للخبر على تقدير قبول الخبر تعبّدا كما في البيّنة ، فإنّه يؤخذ بلوازم الموضوع الثابت بها.
الثاني : قد حكي عن ثاني الشهيدين والمحقّقين في شرح الألفية وجامع المقاصد (١) ثبوت التواتر فيما كان التواتر فيه معتبرا لو كان منقولا بخبر الواحد العدل ، فإنّ قضية الأدلّة الدالّة على وجوب اتّباع قول العادل ذلك ، ومن هنا قد حكما بصحّة القراءة بقراءة ما عدا السبعة من القرّاء العشرة ، وهم مشايخ القراءة : أبو جعفر وخلف
__________________
(١) المقاصد العلية في شرح رسالة الألفية : ٢٤٤ ـ ٢٤٥ ، وفي ط الحجري : ١٣٧ ؛ جامع المقاصد ٢ : ٢٤٦ نقلا ذلك عن الشهيد فقط دون العلاّمة وسيأتي نصّ كلامه في مخالفة ذلك في التعليقة التالية. وقال في هامش فرائد الأصول ١ : ٢٢٩ : ويبدو أنّ المصنّف اعتمد في ذلك على ما نقله السيّد المجاهد في مفاتيح الأصول : ٣٢٦.