وبهذا العلم وجد الاختلاف الحاصل بين هؤلاء الأعلام ، فتأمّل.
الثالث : أنّ الإجماع المنقول على القول بحجّيته يجري عليه أحكام الخبر من حيث المتن والسند والمعارض ، فبملاحظة السند ينقسم إلى الصحيح والضعيف ، ومن حيث المتن إلى المطلق والمقيّد ، ومن حيث المعارض إلى أقسام التعارض الحاصلة من اختلاف النسب بين المتعارضين.
الرابع : الظاهر من قدماء أصحابنا بل وجماعة من المتأخّرين أنّهم لم يصطلحوا في الإجماع اصطلاحا جديدا بل إنّما اتّبعوا في ذلك ما اصطلحوا (١) العامّة عليه ؛ حيث عرّفوه بأنّه اتّفاق المجتهدين. ولقد صرّح بذلك في أصول الغنية (٢) حيث حصر الأدلّة في غير الإجماع ، ثمّ أورد بأنّ الحصر لا يصحّ مع أنّ الإجماع أيضا منها.
ثمّ أجاب عنه بأنّ الإجماع كان من الأدلّة عند العامّة ، ولمّا عرضوه علينا [ و ] رأينا أنّه لا بدّ أن يكون حجّة من جهة الكشف عن دخول الإمام عليهالسلام أو رضاه ، قلنا (٣) به ، فعلى هذا ، فما يوجد كثيرا ـ من الإجماع المنقول في لسان السيّد والشيخ وأضرابهما ممّا يكون المخالف موجودا ـ لا يمكن أن يحمل على ما هو المصطلح عندهم إلاّ إذا كان المخالف في غاية الشذوذ بل لا بدّ من الحمل على أنّ مدار الحكم ومدركه إجماعي ، أو نحو ذلك.
نعم ، يمكن الحمل على المعنى المصطلح عندهم إذا فرض الغفلة والاشتباه وأمثال ذلك ممّا هو مدفوع بالأصل وعلى تقديره لا يمكن العمل به.
__________________
(١) على لغة « أكلوني البراغيث ».
(٢) الغنية ( المطبوع في الجوامع الفقهية ) : ٤٧٨.
(٣) جواب « لمّا ».