أحدهما : أن لا يكون الرواية مخالفة لما ذهب إليه المشهور.
وثانيهما : أن تكون الرواية مأخوذة من الأصول المعتمدة.
وذهب جملة من أرباب الأصول إلى أنّها حجّة من جهة الظنون الخاصّة وهم جماعة كثيرة بين من يعتبر أوصاف الراوي ، ومن يعتمد على أوصاف الرواية كالمحقّق (١) على ما حكي عنه من اعتباره كون الرواية معمولا بها بين الأصحاب.
فالفرقة الأولى افترقوا على فرق ، فمنهم من يقتصر على الصحاح الأعلائية ، ومنهم من يتجاوز إلى المشهورية منها ، ومنهم من أضاف إليها الموثّقات ، ومنهم من زاد عليها الحسان ، وذهب جماعة من المتأخّرين إلى أنّها حجّة من حيث اندراجها تحت مطلق الظنّ ، وهم أيضا بين فرق كثيرة تعرف وجوه التفصيل فيما سيأتي ، ولا بدّ لنا من التكلّم في مقامين :
أحدهما : في بيان أصل الحجّية قبالا لمن أنكرها رأسا كالسيّد ونحوه.
وثانيهما : في بيان اكتفاء الحجّة في الاستنباط وعدم الحاجة إلى التعدّي إلى الظنون المطلقة.
فنقول في المقام الأوّل : إنّه ذهب جماعة من القدماء كالسيّد المرتضى وابن زهرة وابن برّاج وابن إدريس (٢) إلى عدم الحجّية بل ادّعى السيّد الضرورة من مذهب الإمامية على عدم جواز الاتّكال عليه ، وعزى إلى ظاهر الشيخ في أوائل التهذيب وإلى ابن بابويه ، وإلى المحقّق أيضا بل في محكيّ الوافية (٣) للفاضل التوني عدم تصريح الطائفة بحجّيته قبل زمان العلاّمة ، والمشهور بين المتأخّرين هو الحجّية.
__________________
(١) انظر معارج الأصول : ٢١٢ ـ ٢١٣ ؛ المعتبر ١ : ٢٩.
(٢) الذريعة ٢ : ٥٢٨ ؛ رسائل السيّد المرتضى ١ : ٢٤ وما بعدها ٢١٠ ، و ٣ : ١٢٥ و ٢٦٩ و ٣٠٩ ؛ غنية النزوع : ٣٢٩ ؛ جواهر الفقه : ٢٦٧ ؛ السرائر ١ : ٥١ و ٢٦٧ و ٢٧١ و ٣٠٩ و ٣٣٠ و ٣٣٤ و ٣٨٢ و ٣٩٤ و ٤٣١ و ٤٤٧ ، و ٢ : ٥٣ و ٥٨ و ٩٦ و ٢٢٣ و ٥٢٠ ، وعنهم في معالم الدين : ١٨٩ وزبدة الأصول : ٩١ والوافية : ١٥٨.
(٣) الوافية : ١٥٨.