__________________
يتمّ المطلوب لكون العادل بالنسبة إلى الفاسق ضدّا متعارفا لكن بناء المفهوم على ذلك لا يخلو عن تأمّل.
وأمّا الثالث ، فقد عرفت أنّه احتمله المحقّق جمال الدين الخوانساري رحمهالله وعزاه السيّد المحقّق الكاظمي رحمهالله في شرح الوافية إلى العلاّمة رحمهالله بعد أن ذكر أنّ للعلماء في الاستدلال بالآية المذكورة مسالك وجعل أوّلها الاستدلال بمفهوم الشرط ، وثانيها الاستدلال بمفهوم الوصف ، وثالثها الاستدلال بالتعليل المستفاد من تعليق الحكم على الوصف ، لكن أورد عليه الأستاد سلّمه الله تعالى بأنّ ذلك ممّا لا يعقل له معنى محصّل سوى اعتبار مفهوم الوصف.
وأقول : إنّ ما ذكره السيّد رحمهالله في جعل المسلك الثالث قسيما للثاني في محلّه ، ولا بأس بأن نأتي بكلامه بعينه ، ثمّ نبيّن الوجه في إتقانه.
قال رحمهالله بعد الإشارة إلى اختلاف مسالك العلماء رضوان الله تعالى عليهم وذكره ما لا يهمّنا نقله : وكيف كان فمفهوم الشرط هاهنا غير مراد ؛ إذ الشرط إنّما هو مجيء الفاسق لا الفسق ، ولم يبق بعد هذا إلاّ تخصيص الفاسق بالذكر ، ومن ثمّ ذهب جماعة منهم المصنّف إلى أنّ دلالتها على قبول خبر غير الفاسق من باب الوصف كما في قوله : « في الغنم السائمة زكاة » وهو المسلك الثاني.
والتحقيق أنّه مفهوم لقب إذ أقصى ما فيه تخصيص الفاسق بالذكر كما في قولك : إن جاءك زيد بنبإ فتبيّن لا وصف مذكور بالفسق كما في إن جاءكم نبأ فاسق.
المسلك الثالث ما سلكه العلاّمة ـ وهو التحقيق ـ أنّ دلالتها على الطلب إنّما جاء من تعليق الحكم وترتيبه على الوصف المناسب للعلّية ، فيشعر بأنّ علّة وجوب التبيّن هو كون الجائي فاسقا ، وذلك يقتضي عدم وجوب التبيّن عند انتفاء الفسق ؛ لأنّ انتفاء العلّة قاض بانتفاء معلولها ، وإلاّ فلا علّية.
فإن قلت : أقصى ما يقتضي تعليق الحكم على الوصف المناسب الإشعار بكون هذا الوصف علّة لذلك الحكم ، أمّا أنّه لا علّة له سوى هذا الوصف فلا ، وإن شئت فانظر إلى قولك : وأكرم العلماء ، فإنّه يشعر بكون العلم علّة للإكرام ، ولا يمنع من ثبوت علّة أخرى كالأدب والإحسان وغير ذلك.
قلت : يختلف ذلك بحسب المقام فربّ مقام يقتضي انحصار العلّة في الوصف المذكور وما نحن