__________________
فيه من هذا القبيل ، وذلك لأنّ عادة الناس لمّا كانت جارية في قبول الأخبار في معاملاتهم وسياساتهم ومعاشراتهم ، ولم ينكر الله عليهم من ذلك إلاّ قبول خبر الفاسق ، علم اختصاص الإنكار به ، فإنّه لو كان هناك قسم آخر من الأخبار ، لا يجوز قبوله والتسارع إلى الأخذ به ، لأنكره.
هذا كلامه رحمهالله وحينئذ نقول : لا بدّ من تصحيح جعل السيّد رحمهالله المسلك الثالث قسيما للثاني على مذهبه وعلى مذهب العلاّمة رحمهالله.
أمّا الأوّل ، فبيانه أنّه رحمهالله يرى أنّ مفهوم الوصف عبارة عن المفهوم المستفاد من الوصف الذي ذكر معه الموصوف ، وأنّ محلّ النزاع في مبحث حجّية مفهوم الوصف ذلك كما أشار إليه في طيّ كلامه المذكور ، وصرّح به في ذلك المبحث ، فقال : اعلم أنّهم إنّما يريدون من مفهوم الصفة ما يفهم من التقييد بها ، ولا يتمّ ذلك إلاّ إذا جيء بالموصوف والصفة معا ، فإن اقتصر على الصفة كادع لي صالحا كان من مفهوم اللقب كما نصّ عليه غير واحد ، والذي يدلّ على ذلك أنّهم لا يشترطون في مفهوم اللقب الجمود وكثيرا ما يشتبه هذا.
ثمّ قال رحمهالله : ثمّ اعلم أنّ الوصف إذا كان لتمييز المسمّى عمّا شاركه في الاسم دون تقييد الحكم كان الموصوف مع صفته بمنزلة الاسم الخاصّ ، فلا يكون له مفهوم وصف بل من أثبت اللقب مفهوما ، قال به ، وبهذا يندفع ما أورده السيّد رحمهالله على مفهوم الوصف وكثيرا ما يشتبه هذا ، ولله درّ العميدي حيث قال في عنوانه :
اختلفوا في الخطاب الدالّ على حكم متعلّق باسم عامّ مقيّد بصفة خاصّة ، فكان فيه إشارة إلى كلا الأمرين ، ثمّ استشهد رحمهالله على ما ذكره بغير ذلك ، وعلى هذا فلا يكون دلالة آية النبأ عنده من باب مفهوم الوصف لعدم ذكر الموصوف مع لفظة فاسق ، ويكون من باب التعليل المستفاد من تعليق الحكم بالوصف المناسب.
وأمّا ما نسبه إلى الفاضل التوني من كونه يرى أنّ دلالة الآية من باب مفهوم الوصف ، فذلك لتصريح الفاضل المذكور في ردّ الاستدلال بالآية المذكورة بأنّه استدلال بمفهوم الصفة على أصل علمي ، فهذا الردّ من ذلك الفاضل مبنيّ على إنكاره حجّية مفهوم الوصف.
وأمّا الثاني ، فبيانه أنّه وإن لم يقع التصريح من العلاّمة رحمهالله بما ذكره السيّد رحمهالله من معنى مفهوم الوصف بل ذكر في باب المنطوق والمفهوم في النهاية أقسام مفهوم المخالفة ، وجعل أوّلها تقييد