__________________
مفهوم الوصف ، ويشهد بذلك أنّه تمسّك به في الاستدلال بالآية بعض من لا يرى حجّية مفهوم الوصف.
وأما الرابع : فيظهر من كلام الفاضل القمّي رحمهالله في طيّ كلماته المتعلّقة بأخبار الآحاد وحجّية الظنّ ، وصوّره بصورة الوضوح بعض من تأخّر عنه.
وبيان ذلك أنّ التبيّن أعمّ من التبيّن الإجمالي والتفصيلي ، ودعوى اختصاصه بالتفصيلي مكابرة ، وحينئذ نقول : إنّ من المعروف المشهور أنّ الخبر على أربعة أقسام : الصحيح والحسن والموثّق والضعيف ، وأنّ الأخير ينقسم إلى قسمين : منجبر بالشهرة وعمل الأصحاب ، وغير منجبر ، فهذه خمسة ، وأنّ الآية الكريمة تعطي عدم قبول الضعيف الغير المنجبر قطعا ، لعدم تحقّق التبيّن فيه ، وجواز قبول الضعيف المنجبر لتحقّق التبيّن التفصيلي ، وكذلك جواز قبول الموثّق من حيث كون رواته ثقاة في مذهبهم ، وكون العلم أو الظنّ بأنّ الراوي ثقة في مذهبه تبيّن إجمالي لخبره ، وكذلك جواز قبول الحسن من حيث كون رواته إماميّين ممدوحين وإن لم يبلغ مدح بعضهم أو جميعهم درجة العدالة ؛ لأنّ في تحقّق المدح ـ مثل كون الراوي شيخ الإجازة مثلا وإن لم ينصّ عليه بالعدالة ـ تبيّنا إجماليا بالنسبة إلى غيره كما قيل في إبراهيم بن هاشم : إنّه وإن لم ينصّ عليه في كتب الرجال بالتوثيق إلاّ أنّ كونه قد نشر أحاديث الكوفيّين بقمّ مع كون أهلها ممّن يقدح في اعتبار قول الراوي بأدنى صفة مرجوحة فيه دليل على جلالة شأنه ، فقد اندرج اعتبار الأقسام الثلاثة في منطوق الآية من جهة تعميم التبيّن إلى التبيّن الإجمالي ، وبقي حال الصحيح ، وحينئذ نقول : إمّا أن يحكم بحجّيته من جهة [ أنّه ] إذا تحقّقنا أنّ مناط حجّية ما أفادت الآية حجّيته من الأقسام الثلاثة إنّما هو الظنّ والوثوق بصدوره وهو موجود في الصحيح أيضا أو تحكم بحجّيته بالأولوية القطعية نظرا إلى أنّ الأقسام الثلاثة إذا اعتبرت من جهة الظنّ والوثوق مع كون رواتها ليس بأسرهم إماميّين عدولا ، فالصحيح الذي رواته بأسرهم إماميّون عدول يكون أولى بالقبول قطعا بل ربّما يزاد على هذه الجملة ، فيقال :
إنّ الآية الكريمة أفادت أنّ المناط في القبول هو التبيّن ، فكلّ تبيّن يكون حجّة ، ومن هنا يعتبر الشهرة والإجماع المنقول وغيرهما ممّا أفاد الظنّ فيكون مفاد الآية حجّية مطلق الظنّ.
وأمّا الخامس ـ وهو الاستدلال بالتعليل بقوله تعالى : ( أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ ) ـ فلا بدّ من إيضاح المقصود به ، فنقول : إنّ المقصود بالتبيّن هو تحصيل الوثوق