__________________
الموادّ على خلاف ما بنوا عليه في الغالب ، لزم اتّباعهم ، وما نحن فيه من هذا القبيل ؛ لكون استعمال التبيّن في الاطمئنان تجوّزا شائعا ، فيقدّم على التخصيص هذا ، ولازم هذه الطريقة ترك الجمود على قبول نوع الصحيح والحسن والموثّق بل لا بدّ من تنويعها والعمل بما أفاد الوثوق منها دون غيره ، فيعتبر بالصحيح الأعلى مثلا ، أو ما أفاد الوثوق من غير من [ كذا ] قسم الصحيح ، وكذلك الحسن ، فيعتبر منه ما بلغ مدح رواته أعلى المراتب ككونه شيخ الإجازة ، وكالمدح الواقع في إبراهيم بن هاشم من كونه قد نشر أحاديث الكوفيّين بقمّ مع كونهم ينفون من بلادهم من كان يروي عن الضعفاء.
وبالجملة ، فيعتبر منه ما أفاد الاطمئنان دون غيره ، وكذلك الموثّق فيعتبر منه ما كان راويه مع كونه ثقة في مذهبه ممدوحا بما يفيد الوثوق به مثل ما حكي عن عليّ بن الحسن بن فضّال مع كونه فطحيا أنّه لم يرو عن أبيه شيئا قال : وكنت أقابله بكتبه وسنّي ثماني عشرة ( في النسخة :
ثمانية عشر ) سنة ، ولا أفهم إذ ذاك ، ولا أستحلّ أن أرويها عنه.
وعن النجاشي : أنّه لم يعثر له على زلّة في الحديث ولا ما يشينه ، وقلّ ما روى عن ضعيف وقد شهد له بالثقة الشيخ والنجاشي.
وأمّا ما لا يفيد الوثوق ، فلا يعتبر. فالحاصل أنّ المراد بالآية هو الأمر بتحصيل الوثوق بالخبر.
فإن قلت : ما ذكرت من استقرار طريقة العقلاء على العمل بالخبر المفيد للاطمئنان يمنع من حمل التبيّن في الآية عليه ؛ لأنّ لازم الأمر بالتبيّن بمعنى تحصيل الاطمئنان أن يكون المخاطبون بالآية قد عملوا بقول وليد من دون اطمئنان حتّى أمرهم الله تعالى بتحصيل الاطمئنان ، وذلك ينافي كونهم عقلاء وهو معلوم البطلان ، فظهر أنّ لازم كونهم عقلاء ـ على ما قرّرت من القاعدة ـ أنّهم قد أخذوا بقول وليد ؛ لاطمئنانهم به إلاّ أنّه لمّا كان لا يكفي في العمل بقول الفاسق أمرهم الله تعالى بتحصيل العلم الوجداني.
قلت : إنّ وليدا ربّما كان بحسب الظاهر عادلا عندهم كما هو مقتضى كونه عامل الصدقات بأمر النبيّ صلىاللهعليهوآله وإن كان سرّه محجوبا عنهم ، فلذلك وثّقوا واكتفوا بعدالته إلاّ أنّ الله نبّه على فسقه ولزوم التبيّن عن قوله.
فذلك الوثوق كان مبنيّا على زعمهم من عدالته ، فيزول بالتنبيه على انتفائها ، فيلزم التبيّن ، أو يقال : إنّ وثوقهم بقوله وإن لم يكن عندهم عادلا ربّما كان ابتدائيا يزول بالالتفات وقد اشتبه