العامل من الحيرة ، كما أنّ بناءهم على العمل بكلّ ما يعتمد عليه وإن لم يكن خبرا وذلك ظاهر ، فإن أراد المستدلّ استقرار بنائهم على هذا العنوان أعني الخبر ، فهو في محلّ المنع (١) وإن أراد أنّهم يعملون بما هو موثوق به ، فلا يتمّ التقريب.
الرابع من وجوه تقرير الإجماع هو إطباق أصحاب الأئمّة عليهمالسلام على العمل بخبر الواحد الكاشف عن رضا رئيسهم ، وهذا ممّا لا يدانيه ريب بعد ملاحظة حالاتهم المنقولة والتتبّع في كلمات أصحابنا الرجاليّين ، وقرّر العلاّمة هذا الإجماع في النهاية على ما حكي بإجماع أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ولعلّه ينظر إلى دفع مقالة من لا يتعبّد بخبر الواحد من العامّة ، وإلاّ فلا يستقيم وجها للمدّعى لعين ما يراه المرتضى على الهدى بعد اعتراضه على نفسه بمثل ما ذكر (٢) من أنّ العمل من الأخيار (٣) منهم بالأخبار غير معلوم ، ولا عبرة بعمل غيرهم من المتّفقين للأمارة ، والمتكلّفين للخلافة ، الذين ما كان لأحدهم أن يردعهم كما يظهر من الأمثلة الواردة في النهاية للمقام.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ الردع لطف ، وإظهار الحقّ لطف آخر ، وعدم ارتداعهم بذلك غير مضرّ في مقام الإظهار ، فسكوت الحجّة عن عملهم وعدم إظهار بطلان الطريقة المذكورة من العمل بخبر الواحد يدلّ على رضاه بالعمل المذكور ولا غبار عليه.
ثمّ اعلم : أنّ الأدلّة المذكورة كتابا وسنّة وإجماعا مختلفة المفاد حيث إنّ برهة منها تدلّ على أنّ العبرة بخبر الواحد ، وجملة منها (٤) يظهر منها الاعتماد على الوثاقة ، وفرقة يكشف عنها الاتّكال على المظنّة كما أنّ فتاوى المجمعين أيضا تحتمل وجوها ، فمنهم من يحتمل اعتماده على عنوان الخبر ولو عن فاسق كما هو المنسوب إلى الحشوية ، ومنهم من يعتبر اشتهار الرواية وضبطها في الأصول المشهورة ، ومنهم من يقتصر على الأخبار الموثوق بها ، ومنهم من يتجاوز عن ذلك إلى الأخبار المظنون صدورها ،
__________________
(١) « ش » : من المنع.
(٢) « ل » : ذكرنا.
(٣) « ش » : عمل الأخيار.
(٤) « ش » : ـ منها.