كلام طويل ، فلنقتصر على بيان الملخّص منه وهو أنّ الضرورة الدينية قاضية بوجوب الرجوع في الكتاب في جميع الأعصار والسنّة ، مضافا إلى الأخبار الواردة في هذا المضمار البالغة حدّ التواتر ، وحيث علمناها (١) بالخصوص ، فلا إشكال كما أنّه لا إشكال فيما لو قام قاطع على نفيها (٢) ، وأمّا فيما لو انسدّ باب العلم أو ما قام مقامه إليهما ، فلا بدّ من إعمال الظنّ في طريق نفيهما (٣) كما هو الشأن في كلّ ما انسدّ فيه باب العلم على ما يقضي به العقل القاطع ، فيلزم لزوم العمل بالسنّة المظنونة وهو المطلوب.
ويرد عليه إجمالا : أنّ هذا الدليل مرجعه في الحقيقة إلى دليل الانسداد ، فلا ينهض بإثبات لزوم (٤) العمل بالأخبار كما هو المناط في المقام ، وتفصيلا أنّ المستدلّ إن أراد من السنّة قول المعصوم وفعله وتقريره ـ كما يشعر إليه دعواه بقيام الضرورة عليه ، واقترانه بالكتاب وبقاء التكليف بالعمل به ـ فهو في محلّه إلاّ أنّه غير مختصّ بما زعمه من أخبار الآحاد حيث إنّ الشهرة والإجماع المنقول أيضا من السنّة المظنونة بهذا المعنى ، وغيرهما من الأمارات التي تكشف عن السنّة بالمعنى المذكور.
وتوضيح ذلك : أنّ الحاصل من المقدّمات المذكورة وجوب الأخذ بما ظنّ كونه سنّة بعد انسداد طريق العلم إليها ، فلنا أن نقول : إنّ الشهرة أيضا ممّا يظنّ كونه سنّة على ما هو المفروض من السنّة بل قد يمكن أن يقال : إنّها أقوى في استكشاف السنّة عنها من (٥) غيرها ؛ إذ ابتذال مدلوله واشتهار مفاده عند الأصحاب مثلا ممّا يؤكّد صدور قول أو فعل أو حصول تقرير منهم فيه ، وهكذا نقول في غيرها من الأمارات الظنّية.
لا يقال : غاية ما هناك لزوم الأخذ بالشهرة والإجماع وغيرهما من الأمارات الكاشفة عن قول المعصوم أو فعله أو تقريره ، وأمّا غيرها من الأمارات ـ التي هي في
__________________
(١) « ل » : علمناهما.
(٢) « ل » : تعيينهما؟
(٣) « ل » : تعيينهما؟
(٤) « ل » : ـ لزوم.
(٥) « ل » : عن.