والتقريب في الكلّ واضح بعد ما ترى من (١) الأمر بالتبيّن والحذر لخوف إصابة الفتنة والجهالة والندامة ، فالكبرى على أنّها ضرورية مبيّنة مبرهنة متبيّنة (٢) أيضا.
الثاني : ما وجدناه في كلام بعض الأجلّة (٣) وهو أنّ العقل إنّما يستقلّ في إدراك وجوب دفع الضرر الدنيوي الذي (٤) له تعلّق بأمور المعاش (٥) دون الأخروي الذي يرجع إلى المعاد وهو بظاهره غير سديد ؛ إذ بعد ما فرضنا من الصغرى ـ سواء كان متعلّقا بأمر الدين أو الدنيا ـ فإنكار الكبرى ممّا لا ينبغي لذي مسكة اللهمّ إلاّ أن يوجّه بإرجاعه إلى إنكار الصغرى حيث إنّ الأمور الأخروية مبنيّة على دليل علمي ، فمتى لم نجد يحكم العقل بعدم التكليف ولو في مرحلة الظاهر ، فلا تكليف قطعا ولو بملاحظة أدلّة البراءة ، فلا عقاب.
الثالث : ما أفاده المحقّق في المعارج (٦) من النقض بالخبر الفاسق والقياس وغيرهما ممّا قام القاطع على عدم حجّيته.
ويمكن التفصّي عنه أوّلا بما قد يستفاد من تضاعيف كلمات الفاضل القمّي رحمهالله (٧) من الالتزام به مرّة ، وإنكار حصول الظنّ أخرى ، وليس في محلّه كما سيجيء.
وثانيا : أنّ مخالفة الظنّ الحاصل من القياس وإن كان يوجب خوف إصابة الفتنة إلاّ أنّه لا قبح في العقل أن يحكم الشارع بإلغاء ذلك نظرا إلى احتمال وقوع العامل بالقياس من جهة عمله به في محذور أشدّ مفسدة ، وأقوى فسادا.
وتوضيحه : أنّه لو ظنّ المجتهد بواسطة قياس ظنّي بحكم ، فلا شكّ أنّ مقتضى لزوم
__________________
(١) « ل » : من أنّ.
(٢) « ل » : أمّا الكبرى على أنّها من الضروريات المبيّنة المبرهنة مثبتة.
(٣) الفصول : ٢٨٧ ، انظر الذريعة ٢ : ٥٤٩ ؛ عدّة الأصول ١ : ١٠٧ ؛ القوانين ١ : ٤٤٧.
(٤) « ش » : ـ الذي.
(٥) « ل » : تعلّق بالمعاش.
(٦) معارج الأصول : ٢٠٧ ولم يذكر القياس.
(٧) القوانين ١ : ٤٤٨.