نوع خفاء وغموض ، فعلى ما ثبت (١) من عدم استقامة الكبرى ، يلزم إفحام الأنبياء وإلزام الأولياء وغيرهما من اللوازم إن بنينا على ما هو مصرّح به فيما سبق.
لأنّا نقول : فرق بيّن بين الأصول والفروع ؛ إذ في الأوّل يحكم العقل بلزوم التحرّز دون الثاني.
وتوضيحه : أنّ البيان في الأحكام الشرعية من وظيفة الشارع ، ففيما لم يبيّن لنا (٢) حكما نلتزم (٣) بعدمه في حقّنا بخلاف الأصول ، فإنّ البيان فيه من وظيفة العقل ؛ لإفضائه إلى الدور لو كان موكولا إلى (٤) بيان الشرع ، فالعقل يلتزم (٥) بوجوب دفع الضرر وإن كان في مقام الشكّ في التكليف.
وبالجملة ، فنحن لا نجد في عقولنا عذرا لمن لم (٦) يتحرّز الضرر في مقام إقامة النبيّ المعجزة الدالّة على نبوّته ، ويعدّ قوله في هذا المقام : « لا تكليف إلاّ بعد البيان » سفها ، بل ينسب القائل به إلى أصحاب السوداء والجنون بخلاف الغير المتحرّز عن الضرر في الفروع ، وهذا ظاهر لا سترة عليه ، فإنّه قد يتعاكس فيهما الأمر كما لا يخفى.
هذا تمام الكلام في منع المقدّمتين وإثباتهما وتنقيحهما وتصحيحهما إلاّ أنّه مع ذلك كلّه لا يترتّب عليهما النتيجة المطلوبة من اعتبار كلّ ظنّ ومطلق المظنّة ؛ إذ مبنى الدليل ومرجعه إلى لزوم الاحتياط وهو لا يلازم الظنّ ، فإنّ مقتضى الاحتياط الإتيان بكلّ ما يحتمل جزئيته ، أو شرطيته في مقام الشكّ في الأجزاء والشرائط مع ثبوت أصل التكليف بالنسبة إلى كلّ مهمل ، ومقتضى الظنّ عدم الإتيان بما ليس جزءا ولو بحسب الظنّ ، فلا تلازم بينهما ، ولا يكاد يصحّ الاستناد في إتمام المرام إلى الإجماع لما عرفت مرارا من عدم نهوضه بمثل المقام.
__________________
(١) « ش » : بنيت.
(٢) « ل » : ـ لنا.
(٣) « ل » : يلتزم.
(٤) « ش » : على.
(٥) « ل » : يلزم.
(٦) « ل » : ـ لم.