الموصل غير علمي ، فلو جوّز لنا العمل بالموهوم ، يلزم عليه القبح ؛ لأدائه إلى نقض غرضه ، وهذا ظاهر.
فإن قلت : لو قلنا بلزوم الترجيح ، يلزم ما ذكر ، وأمّا في صورة عدم الترجيح والتوقّف ، فلا محذور.
قلت : التوقّف في المقام أيضا ممّا لا (١) يستقلّ العقل بصحّته كما يظهر من ملاحظة المثال المذكور لو بنينا على التوقّف كما لا يخفى.
وقد يجاب عنه (٢) بأنّ ترك المظنون والعمل بالموهوم على خلافه لا يستلزم ترجيح المرجوح على الراجح كما إذا ظننّا إباحة شيء مع احتمال وجوبه وهما ، فلا شكّ أنّا لو عملنا بالموهوم وتركنا المظنون ، لا يلزم ما ذكر من الترجيح حيث إنّ الاحتياط أمر مرغوب في نفسه ، ففي المقام العمل المزبور وإن كان (٣) بالنظر إلى تعلّق الإدراك به موهوما ، لكنّ العمل به ليس ترجيحا للمرجوح بملاحظة الاحتياط.
ولكن لا يخفى ما فيه ؛ فإنّه إن أراد أنّ (٤) العمل بالموهوم المذكور والإتيان بما يحتمل الوجوب ليس ترجيحا مع عدم قصد الوجوب في العمل وعدم تعيين وجهه ، فهو كذلك إلاّ أنّه غير مجد ؛ إذ مرجعه إلى اختيار أحد طرفي المباح ، وجوازه ممّا لا ريب فيه كما هو قضية الإباحة ، وإن أراد أنّ الإتيان بما يحتمل الوجوب على أنّه واجب و (٥) بقصد الوجوب لا يستلزم ترجيح المرجوح ، فلا شكّ في بطلانه ؛ ضرورة لزوم المحذور على تقديره ، والاحتياط لا يقضي به أيضا.
والتحقيق في الجواب أن يقال : إنّ الدليل إن آل إلى رابع الأدلّة ودليل الانسداد ، فهو وإلاّ فلا نعرف له وجها ؛ إذ يحتمل دفع المظنونات بأصالة البراءة ، والاقتصار على
__________________
(١) « ش » : ـ لا.
(٢) هداية المسترشدين : ٤١١.
(٣) « ش » : ـ كان.
(٤) « ش » : ـ أنّ.
(٥) « ل » : ـ و.