الكلمات من هؤلاء الجماعة منادية (١) بأعلى صوتها على عدم جواز التعويل على البراءة حيث (٢) إنّهم أعرضوا عن هذا الاحتمال.
ومن هنا يظهر الوجه في الإجماع المدّعى أيضا ، فبطلان العمل بالبراءة والاقتصار على المعلومات ـ كما هو المفروض من قلّتها حال الانسداد ـ ممّا لا ريب فيه.
وممّا يدلّك على هذا أنّهم مطبقون بأجمعهم في الحكم برجوع العامي إلى فتوى الميّت بعد انسداد باب رجوعه (٣) إلى الحيّ ، ولم يحتمل أحد اختيار رجوعه إلى البراءة ، وحال المجتهد بعد الانسداد واختفاء الحجّة العلمية مثل حال المقلّد عند فقدان المجتهد الحيّ ، فبعد العلم بالاشتغال لا مناص من تحصيل الامتثال ، فتارة بالعمل بالمعلوم على وجه التفصيل ، وأخرى بالمعلوم ولو إجمالا في طيّ احتمالات عديدة ، ومرّة يمتثل (٤) امتثالا ظنّيا بعد انسداد باب الامتثال على أحد الوجهين الأوّلين كما هو المفروض ، وأخرى امتثالا احتماليا ، ويكشف عن ذلك حكمهم برجوع العامي الغير المتمكّن من تحصيل أحكامه تقليدا لوجوب العمل (٥) بظنّه بل واحتماله فرارا من (٦) المخالفة القطعية ، وبالجملة ، فظهور المرام ، يأبى عن إطالة الكلام.
الثالث : إنّ المخالفة القطعية وإن لم تبلغ حدّ الخروج عن الدين ، فهي في حدّ ذاتها باطلة يكفي جعلها تاليا في قياس شرطي ، فلزومها على تقديره كاف في بطلان المقدّم ، ولا دليل على اعتبار الأصل فيما لو خالف العلم الإجمالي كما هو كذلك فيما لو خالف العلم التفصيلي.
فإن قلت : المحاذير المفروضة مشتركة الورود على تقديري العمل بالبراءة والمظنّة أمّا على الأوّل ، فكما هو المقرّر ، وأمّا على الثاني ، فلاحتمال مطابقة الظنّ في جميع
__________________
(١) « ش » : متنادية.
(٢) « ل » : بحيث.
(٣) « ل » : امتناع رجوعه؟
(٤) « ش » : يمثل.
(٥) « ل » : تقليدا إلى العمل.
(٦) « ل » : عن.