لأنّا نقول : قد مرّ مرارا بطلان الاستناد (١) إلى مثل الإجماع في أمثال المقام كما لا يخفى.
الخامس أنّ الاحتياط قد يؤدّي إلى ترك الاحتياط فإنّ معرفة الوجه ممّا أوجبه جماعة من الأصحاب (٢) حتّى ادّعى بعضهم عليه الإجماع (٣) ، وهو ينافي الاحتياط حيث لا يعلم وجه العمل فيه.
وفيه أوّلا : أنّ العلاّمة وإن أرسل هذا الحكم إرسال المسلّمات في أوائل الإرشاد (٤) إلاّ أنّ المستفاد من بناء أهل العرف والعقلاء وسيرة أصحاب الأئمّة والعلماء عدم لزوم معرفة الوجه ، فلا وجه لما ذكره.
وأمّا ثانيا : سلّمنا لزوم معرفة الوجه في العبادات مثلا لكن لا ريب في عدم كونها واجبا أصليا كوجوب معرفة الله مثلا بل إنّما هو واجب توصّلي للوصول به إلى الغير ، وهو إمّا أن يكون تحصيل الامتثال التفصيلي ، أو قصد الوجه ، وعلى التقديرين لا محصّل له.
أمّا على الثاني ، فلأنّ من المقرّر في محلّه عدم لزوم قصد الوجه أوّلا ، وعدم تعقّله ثانيا ؛ لأنّ القصد لا يتحقّق في غير صورة العلم ، فلو فرضنا عدم لزوم الاحتياط وجواز العمل بالظنّ أيضا لا يتحقّق القصد إلاّ أن ينتهي إلى العلم وهو خارج عمّا نحن بصدده ، أو يغيّر القصد قصدا صوريا لا حقيقة له ، فيحتاج على تقديره إلى دلالة دليل على لزوم القصد الصوري ، والمعلوم انتفاؤه في المقام.
وأمّا على الأوّل ، فلما مرّ في مباحث العلم الإجمالي من احتمال عدم وجوب
__________________
(١) « ل » : الإسناد.
(٢) ذكر الجماعة العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٣١٤.
(٣) نقل ذلك عن ظاهر التذكرة في مفتاح الكرامة ٢ : ٣١٥.
(٤) ارشاد الأذهان ١ : ٢٥١.