قال : فيثبت ممّا قرّرنا جواز التعويل في تعيين ما يعتبر من تلك الطرق التي هي أدلّة الأحكام على الظنّ (١) ، ثمّ على ما هو أقرب كذلك (٢). انتهى.
وفيه نظر من وجوه :
الأوّل : أنّ أساس هذا البرهان وبناء هذا البنيان ـ على ما هو الظاهر ـ على وجود العلم الإجمالي بنصب طريق يوصلنا إلى مطلوب المولى ، وذلك في محلّ من المنع ؛ إذ من المحتمل أنّ الشارع قد وكلنا في الوصول [ إلى ] أحكامه المجعولة على الطرق المنجعلة عندنا التي قد استقرّ بناء العقلاء في تحصيل الإطاعة بالرجوع إليها من العلم ، أو ما يقوم مقامه عندهم ولو مع التمكّن منه ، أو مع عدم التمكّن منه ، وما ادّعاه من العلم الإجمالي ، فهو إمّا ناش عن (٣) أنّ عدم النصب ينافي اللطف ؛ فإنّ فيه تقريبا للعباد إلى الطاعة مثلا ، أو يستند إلى دليل سمعي شرعي إن (٤) لم يجب نظرا إلى اللطف.
فإن أراد من أنّه يلزم على الشارع الحكيم نصب طريق علمي للعباد في تحصيل الامتثال والإطاعة بعد جعل الأحكام للعمل بها نظرا إلى اللطف ، وأنّه لولاه يقبح التكليف ، فلا ريب في بعده عن سبيل السداد ، فإنّ (٥) بعد ما يستكشف طريقة الإطاعة والامتثال من بناء العقلاء في أوامر مواليهم بالنسبة إلى عبيدهم من العمل بالعلم ـ فيما إذا كان تحصيله ممكنا ـ والتعويل على ما يقوم مقامه من الظنّ ولو في أعلى درجاته التعبّد (٦) للاطمئنان ، لا يلزم على الحكيم قبح على تقدير عدم النصب ؛ لعدم الاحتياج إليه ، فإنّ العقل يستقلّ في تحصيل الطريق ولو بمعاونة بناء العقلاء في ذلك ، والنظر في أحوال السلاطين في نصب ولاتهم للبلاد يعطي ما ذكرنا ، فإنّ البيان مقصور عندهم (٧)
__________________
(١) في المصدر : على الظنّ الذي لا دليل على عدم حجّيته.
(٢) الفصول : ٢٧٧ ـ ٢٧٨ وما بين المعاقيف منه.
(٣) « ش » : من.
(٤) « ل » : وإن.
(٥) « ش » : قال.
(٦) كذا.
(٧) « ل » : عندهم مقصور.