الاشتغال كأن قامت الشهرة على وجوب شيء والاشتغال يقضي بحرمته ، فتردّد الأمر بين الاحتياط في المسألة الأصولية كأن يعمل بمفاد (١) الشهرة لاحتمال كونها طريقا ، والاحتياط في المسألة الفرعية كأن يأخذ بمفاد الاشتغال ، وحينئذ فالحقّ وإن كان الأخذ بالاحتياط في الفرعيات على ما ستعرفه إلاّ أنّه مع ذلك لا يقضي بالعمل بالظنّ في تعيين الطريق كما هو مطلوب المستدلّ ؛ إذ لا مناص من الاحتياط ، أمّا في المسألة الأصولية فيما إذا لم يخالف مفاد الطريق مفاد الأصل ، وأمّا في المسألة الفرعية فيما إذا خالف مفاد أحدهما مفاد الآخر كما عرفت ، ولا يلزم العسر على هذا التقدير ، فإنّ الاحتياط في الأصول لا يلازم إثبات التكليف ، فإنّ بعد العمل بالشهرة فهي مختلفة المفاد ، فتارة ينفي التكليف ، وأخرى يثبته ، والاحتياط في الفرعيات يختصّ في موارد الاشتغال فيها كما إذا دار الأمر بين المتباينين مثلا أو غيره على وجوه اختلافهم في تعيين محلّ الاحتياط ، فكما (٢) لا يلزم على العامل بالظنون المطلقة عسر في العمل بهذه الأمارات المختلفة المتشتّتة ، فكذلك لا يلزم على العامل بها من جهة الاحتياط.
الخامس : سلّمنا جميع ذلك ، وأغمضنا عن كلّه لكنّ الدليل لا ينتج النتيجة المطلوبة التي هي حصر الحجّة في الظنّ في الطريق.
وبيان ذلك : أنّ الطرق المنصوبة إمّا أن تكون طرقا حالتي الانسداد والانفتاح ، أو في حالة الانسداد فقط وإن كان جعلها في حالة الانفتاح ، وعلى التقديرين لا ملازمة بين المقدّمات التي ذكرها والنتيجة التي قصدها.
أمّا على الأوّل ، فلأنّ مؤدّى الطريق على ما هو المفروض في عرض الواقع ، فعند التمكن من العلم بالواقع ، والعلم بمؤدّى الطريق ينحصر الأمر بين الأخذ بالواقع والأخذ بمؤدّى الطريق ، ولا ترجيح لأحدهما على الآخر كما إذا قامت البيّنة مثلا على ذهاب الحمرة في المغرب مع التمكّن من تشخيص الواقع لنا علما بالرؤية ونحوها ، فلا
__________________
(١) « ل » : مفاد.
(٢) « ل » : كما.