عليهما أمارات التشخّص متّحدة نوعا في مورديهما ، لقلنا بجواز عمل القاضي بتلك الأمارات في تشخيص الموضوعات ، والمقلّد في تشخيص الأحكام ، فظهر أنّ قياسها على المقام قياس مع الفارق هذا تمام الكلام في الوجه الذي أورده بعض الأجلّة في فصوله.
وأورد بعض الأعاظم في التعليقة وجوها متقاربة حاصلها يرجع إلى دليل الانسداد بتغيير ما في إحدى مقدّماته ، فإنّ المطلوب في المقدّمة القائلة بعدم الرجوع في تعيين الحكم الثابت في الجملة في المقدّمة الثالثة إلى البراءة الأصلية كما احتملها محقّق الجمال (١) عدم جواز الرجوع إليها في نفس الأحكام الواقعية الثابتة في اللوح المحفوظ التي نزل بها جبريل إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله في دليل الانسداد ، و (٢) وعلى ما قرّره عدم جواز الاستناد إليها في مؤدّيات الطريق ، والفرق بينه وبين ما تقدّم نقله من (٣) الفصول (٤) أنّه زاد في الدليل مقدّمة وهي العلم الإجمالي بنصب من الشارع بخلافه ، فإنّه قد اعتبر عدم جواز إعمال البراءة في مؤدّيات الطريق وإن أمكن إرجاع كلّ منهما إلى الآخر ، وكيف كان فمناط هذا الوجه أنّ ما يتنجّز في حقّنا وفي حقّ غيرنا ممّن تقدّم علينا أو يتأخّر عنّا ولو في أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام ليس إلاّ التكليف بمؤدّيات الطرق المقرّرة ، والتكليف بالواقع إنّما هو شأنيّ محض ، واستكشف عن ذلك بالرجوع إلى أحوال المقلّدين في أخذ الفتاوى عن المجتهدين ، وأصحاب الأئمّة عنهم ، وبعضهم عن بعض ، فإنّ المرأة تراجع زوجها في أخذ أحكامها ، والصبيان بمعلّميهم (٥) من غير احتمال الخطأ في الدلالة أو في السند أو في جهة الصدور ، فيعملون فيها بأصالة الحقيقة وأصالة عدم السهو والنسيان ، وأصالة عدم التقيّة ونحوها من الأصول المعمولة عند
__________________
(١) تقدّم كلامه في ص ١٨٨.
(٢) « ل » : ـ و.
(٣) « ل » : عن.
(٤) تقدّم كلامه في ص ٢٠٦.
(٥) « ش » : بتعليمهم.