وثانيهما : الحكم الظاهري المتنجّز في حقّنا فعلا وهو الرجوع إلى الأصول في مورد القياس مثلا لو ظننّا بوجوب الصلاة الفلانية من جهة القياس ، فالتكليف المتوجّه علينا في تلك الواقعة هو الأخذ بأصالة عدم الوجوب ، أو غير ذلك من الأصول التعبّدية ، ولو ظننّا بحجّية أمارة بواسطة القياس ، فاللازم في حقّنا هو الرجوع إلى عدم الحجّية مع أنّ المظنون بالنسبة إلى الواقع في الأوّل هو وجوب الصلاة ، وفي الثاني هو الحجّية (١).
فإن أراد أنّ الظنّ بالحكم الواقعي من جهة القياس لا يستلزم الظنّ بالفراغ من التكليف الواقعي الشأني ، فمن المعلوم حصول الظنّ بالفراغ منه ، ولا ينبغي الارتياب فيه من غير فرق بين الواقع وطريقه.
وإن أراد أنّ الظنّ بالحكم الواقعي لا يلازم الظنّ بالفراغ في الحكم الظاهري ، فهو كذلك إلاّ أنّه لا مزية اختصاص له بالواقع ، فالظنّ الحاصل بطريقية طريق قياس له على غيره لا يلازم الظنّ بالفراغ من حيث حكمه الظاهري في (٢) لزوم العمل بأصالة عدم الحجّية في مورد القياس ، فتدبّر في الغاية ، فإنّه حقيق به في النهاية.
الثاني : أنّه كما قرّر الشارع أحكاما واقعية ، كذا قرّر طريقا للوصول إليه : إمّا العلم بالواقع ، أو مطلق الظنّ ، أو غيرهما قبل انسداد باب العلم وبعده ، وحينئذ فإن كان سبيل العلم بذلك الطريق مفتوحا ، فالواجب الأخذ به ، والجري على مقتضاه ، ولا يجوز الأخذ بغيره ممّا لا نقطع معه بالوصول إلى الواقع من غير خلاف بين الفريقين ، وإن انسدّ سبيل العلم به ، تعيّن الرجوع إلى الظنّ به ، فيكون ما ظنّ أنّه طريق مقرّر من الشارع طريقا قطعيا إلى الواقع نظرا إلى القطع (٣) ببقاء التكليف بالرجوع إلى الطريق ، وقطع العقل بقيام الظنّ حينئذ مقام العلم حسبما عرفت.
__________________
(١) « ل » : الحجّة.
(٢) « ش » : من.
(٣) « ش » : الواقع.