المشهور عنه وهو المطلوب ، فبعد أنّه مبنيّ على مقدّمة فاسدة وهي كون العقل كاشفا عن حجّية ظنّ في الجملة ، ولا ملازمة عقلا ولا عرفا ولا شرعا بين المقدّمات المذكورة التي منها انسداد باب العلم وعدم جواز الرجوع إلى الأصول الكلّية والجزئية على ما تقدّم تفاصيلها ، وبين النتيجة على هذا التقدير وهي حجّية ظنّ معيّن واقعا غير معيّن عندنا ؛ لجواز الرجوع إلى الطرق المقرّرة عند العقلاء ؛ لأنّه من فروع الإطاعة والامتثال ، والعقل مستقلّ في طريقه ، فلو كان نتيجة الانسداد هي هذه ، فلا ريب في بطلانها.
ويرد عليه وجوه :
أمّا الأوّل ، فلأنّ المعهود المسلّم والقدر المحقّق من الأدلّة السابقة هو بين إفادة القطع باعتبار الأخبار كالصحاح المعمول بها عند الأصحاب الموثوق ، وبين عدم إفادته في وجه ، فلا وجه للتمسّك بها في ظنّية عنوان الخبر مطلقا ليتمّ ما رامه.
وأمّا الثاني ، فلأنّ الدليل المعمول في النتيجة المهملة الحاصلة من الدليل الأوّل إمّا أن يكون مستلزما لنتيجة كلّية فليكن الأوّل أيضا مستلزما لها ، وإمّا أن يكون مستلزما لنتيجة مهملة مثل ما انتجه الأوّل ، وحينئذ فإن استند في تعميمها إلى دليل آخر ، فنقل (١) الكلام إليه ، وهكذا إلى أن يتسلسل أو يدور ، وإن لم يستند إلى دليل آخر ، فلا يجدي شيئا ، فإنّه إهمال في إهمال ، فظهر من جميع ما مرّ أنّ العقل في النتيجة حاكم ، والمنكر إنّما يلجأ إليه عند ضيق خناقه ، ويلتزم بالحكومة من حيث لا يشعر ، ومن يتوكّل على الله فهو حسبه ؛ لأنّه هو نعم الوكيل.
ثمّ إنّ المحقّق النراقي قد احتمل وجها ثالثا لتقديم مظنون الاعتبار بين سلسلة الظنون غير الوجهين المذكورين ، وحاصله يرجع إلى أنّه لا معنى لمطالبة الدليل على ترجيح المظنون على غيره ، فإنّه بعد ما أورد على الدليل بوجوه عليلة قال في المقام :
__________________
(١) « ل » : فننقل.